ومن ذهب إلى أن الإحصار يكون بالمرض والعدو وغير ذلك من الموانع المحصرة: فإنه يرى لفظ التنزيل منبثا عن ذلك؛ قال الله تعالى {فإن أحصرتم فما استيسر من الهدى} يقال: أحضر فلان: إذا منعه أمر من خوف أو عجز أو مرض، قال الله تعالى:{للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله} قال ابن ميادة [من الطويل]:
وما هجر ليلى أن تكون تباعدت ... عليك ولا أن أحصرتك شغول
ثم إنهم وجدوا حديث الحجاج بن عمرو الأنصاري مبينًا للآية، في هذا الباب في الحسان.
ويرون أن الاشتراط المذكور في حديث ضباعة إنما كان ليفيد تعجيل التحلل؛ لأنها لو لم تشترط، لتأخر تحللها إلى حين بلوغ الهدى محله؛ ذكر ذلك أبو نصر الأقطع.
قلت: وهذا على أصل مذهب أبي حنيفة - رحمه الله - ومن نحا نحوه، فإنه يرى أن المحصر ليس له أن يحل حتى ينحر هديه بالحرم، إلا أن يشرط، فإذا أشرط فله أن يحل قبل نحر الهدى.
وهذا تأويل مرضى موفق بين هذا الحديث، وبين حديث حجاج.
(ومن الحسان)
[١٩٠٨] حديث الحجاج بن عمرو الأنصاري المازني رضي الله عنه، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من كسر أو عرج [أو مرض] ... الحديث):
قلت:(هذا الحديث أورده المعتبرون من أصحاب كتب الأحكام؛ كأس محمد الدارمي، وأبي داود السجستاني، وأبي عيسى الترمذي، وأبي عبد الرحمن النسائي، ولم نجد في شيء منهت: (أو مرض) فلعل المؤلف نقله مما سواها من الكتب، ولا أراه رمي الحديث بالضعف، إلا من قبيل هذه الزيادة، وإن لم يكن كلا القولين من [تزيد] بعض النساخ، وإلا فحديث حجاج - على ما نبينه - ليس بمستضعف، وقد ذكر الترمذي: أنه حديث حسن.