[٢٠٤٨] حديث سعيد بن زيد بن نفيل العدوى- رضي الله عنه- عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من أحيا أرضا ميتة فهي له ... الحديث) الأرض الميتة: هي الخراب التي لا توجد للقوة النامية بها أثر، ويقال لها: الموات. والمراد منها الأرض التي لا مالك لها من الآدميين، ولا ينتفع بها أحد. وإحياؤها إنما يكون بإجراء الماء عليها وبحفرها وتحجيرها ونحو ذلك مما تعود به إلى حال العمارة.
وقد ذهب أكثر العلماء إلى من أحياها: ملكها بالإحياء، ولم يشترطوا فيه إذن السلطان، شرط ذلك أبو حنيفة- رحمه الله- لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (عادي الأرض- ولرسوله، ثم هي لكم مني).
وفيه:(وليس لعرق ظالم حق) وجدت بعض الحفاظ يرويه على الإضافة. والحديث على ما فسره علماء الغريب على الصفة، بالتنوين فيهما، والعرق الظالم هو المشهور عند أهل اللغة، [وهي] مثل قولهم: ليل نائم. أي: ينام فيه النائمون وقد قال في تفسيره الجمهور: هو أن يجييء الرجل إلى أرض قد أحياها غيره، فيغرس فيها أو يرزع؛ ليستوجب بها الأرض.
وقال الخطابي قد تفسيره: هو أن يغرس الرجل في غير أرضه، بغير إذن صاحبها. وهذا وإن كان قريبا- فالأول أصح وأوجه؛ لما نقلناه من أصحاب الغريب ومن أهل اللغة، ثم للمناسبة التي بين الفصلين [٥١/أ].
والذي قاله الخطابي من المعلوم الذي لم يكونوا مفتقرين إلى معرفته. وفي كتاب المصابيح بعد هذا الحديث: مرسل.
وهذا من العجب العجاب أن يسند الحديث إلى الصحابي، ثم يقال: مرسل، وسعيد بن زيد بن نفيل هو الراوي لهذا الحديث، وهو أحد العشرة المبشرة. ومنه روى هذا الحديث في كتابي أبي داود وأبي عيسى، فلعل أحد الأمرين من المؤلف: إما الإسناد وإما الإرسال، والآخر من غيره، فإن هذا الحديث قد روى عن عروة مرسلا ومتصلا عنه عن سعيد، وقد ذكر الترمذي الإرسال أيضا. والجمع بين الأمرين في كتب الحديث المؤلفة لبيان السند والرواية هو المطلوب، وأما في مثل هذا الموضع على هذه الصيغة، فلا.