المتعة ثلاثاً، ثم نهى عنها) أوطاس، واد من ديار هوازن قسم بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غنائمهم، وذلك بعد الفتح، وكان ذلك في غزوة حنين، فإن سأل سائل عن أحاديث المتعة، فقال: تروون في حديث سلمة أنه رخص فيها عام أوطاس، ثم نهى عنها بعد ثلاث، وتروون في حديث سبرة بن معبد الجهني أنه نهى يوم الفتح عن متع النساء، وتروون من حديث علي- رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: نهى عن متعة النساء عام خيبر، وتروون عن جابر، أنه قال: كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الايام على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر، حتى نهى عن عمر في شأن عمرو بن حريث، وفي حديث أبي نضرة: كنت عند جابر بن عبد الله فأتاه آت فقال: إن ابن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين، فقال جابر: لعلناهما مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم نهانا عنهما عمر- رضي الله عنه- فلم نعد لهما، وتروون أيضاً عن سبرة بن معبد:(أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمتعة عام الفتح، حين دخلنا مكة، ثم لم نخرج منها حتى نهانا عنها) وكل هذه الأحاديث صحاح، فكيف بالتوفيق بينها؟
فالجواب: أن يقال: المتعة كانت من الأنكحة التي كانوا يعتقدونها في الجاهلية، فلما جاء الله بالإسلام، لم يبين لهم فيها حكم، حتى كان يوم خيبر فنهوا عنها، ونودي فيهم بذلك، على ما في حديث علي- رضي الله عنه- ويحتمل أنهم كانوا قد رخصوا فيه قبل ذلك، ثم نهوا عن، ففي حديث عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه:(كنا نغزو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس لان نساء، فقلنا: ألا نستخصي فنهانا عن ذلك، ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل) ويحتمل أن الرخصة كانت بعد ذلك، ثم إنه بعد النهي عنها عام خيبر رخص فيها عام أوطاس، على ما في حديث سلمة، وكان الفتح ووقعة هوازن في عام واحد، فلا اختلاف بين حديث سلمة وسبرة. وقول سلمة:(رخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام أوطاس في المتعة) يدل على تقدما لنهي. وأما حديث جابر:(كنا نستمتع) فإن الأمر فيه محمول على أنا لنهي لم يبلغه إلى زمان عمر- رضي الله عنه- وتأويل قوله:(على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر) أي: نرى ذلك جائزاً في زمان أبي بكر. وذلك غير مستبعد، فإن عبد الله بن مسعود مع غزارة علمه وقدمة صحبته