قلنا: فيه فوائد، فمنها: أنه يدخل في أعلام النبوة؛ لأنه قدر أمر المولود على نعت [لم يتعد] عنه، ثم ما فيه من التنبيه على أن لا عبرة بالشبه، وأن لا تأثير لوضوح الأمر بعد وقوع الفرقة بين المتلاعنين، وإليه وقعت الإشارة بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لولا [ما] مضى من كتاب الله؛ لكان لها [شأنا] والمعنى: لولا ما سبق من حكم الله في المتلاعنين، لجعلتها عبرة للناظرين، وتذكرة للسامعين؛ لهتكها الحرمة بينها وبين ربها، تارة بالزنا، وأخرى بالأيمان الكاذبة.
فبين بذلك أولا: شدة غضب الله وغضب رسوله عليها، وأعلن ثانيا بأن لا سبيل عليها بالعقوبة والتنكيل فيما ارتكبته من المنكر الشنيع والعضيهة الفظيعة، وإن وجد الشبه وعرفت الأمارات، إذ لو كان ذلك لأحد، لكان أولى الناس به نبى الله الذي أيد بالإصابة فيما يخبر عنه، وأعين بالعصمة عن الزيغ فيما يحكيه.
فإن قيل: فكيف التوفيق بين حديث اللعان وبين قوله: (الولد للفراش، وللعاهر الحجر) قيل: حديث إلحاق الولد بالفراش ورد فيمن يدعى الولد من غير فراش، فنفى عنه وجعله لصاحب الفراش، إذا لم ينتف عنه، فإن انتفى الولد دعة إلى الملاعنة، فإن لاعن عنه، لم يلحق به، فلا مصادة إذا بين الحديثين؛ لأن حديث اللعان فيمن ينفى الولد مع الفراش، والحديث الاخر فيمن يدعى الولد من غير فراش.
[٢٣٨٣] ومنه: قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث الأعرابي، رواية هريرة- رضي الله عنه-: (هل فيها من أورق) الأورق من الإبل: الذي في لونه بياض إلى سواد. وقد قيل: إنه أطيب الإبل لحما، وليس بمحمود عندهم في عمله وسيره.
وفيه:(عرق نزعها) نزعت الشيء من مكانه، أي: قلعته، ونزعت القوس: مددتها. فقوله:(عرق نزعها) أي: قلعها ومدها من ألوان فحلها ولقاحها، ومن المثل: العرق نزاع. ونزع إلى أبيه في الشبه، أي: ذهب. والنزاع من الخيل: التي نزعت إلى أعراق. والمراد من العرق: النار والأصل، وما درس فيه من الطباع. أخذ من عرق الشجر. يقال: أعرق الرجل: إذا صار عريقا، وهو الذي له عرق في الكرم، وفلان معرق، ويقال ذلك في الكرم واللؤم جميعاً.