وذهب آخرون في قوله:(احتجبي منه) إلى أنه رأى الشبه، فلم يأمن أن يكون من مائه، فأجراه في التحريم مجرى النسب. ويحتمل أنه استعمل الورع في اتقاء الشبهات، وأخذ بالأحوط من الأمرين، وبني الأمر على مقتضي الغيرة. وكان - صلى الله عليه وسلم - أولى الناس بتلك الخلال، وأحقهم بها [٧٣/أ] وعتبة بن أبي وقاص مات بمكة كافرا، وهو الذي كسر رباعية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد. وقد ذكره بعض المتأخرين من أهل الرواية في أعداد الصحابة، ولم يصب، ولم يسبق إليه، ولم يتابع عليه.
[٢٣٨٥] ومنه: حديثها الآخر: (دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مسرور، فقال: أي عائشة، ألم ترى أن مجززا المدلجى ... الحديث) مجزز هذا هو القائف، من بنى مدلج. قيل: لم يكن اسمه مجززا، وإنما سمى به؛ لأنه كان إذا أخذ أجيرا جز ناصيته، فغلب عليه هذه التسمية.
وكان من أمر زيد بن حارثة وابنه أسامة أن زيدا كان أبيض اللون، وأسامة أسود، وأم أسامة أم أيمن كانت جارية حبشية الأصل، ورثها النبي - صلى الله عليه وسلم - من أبيه عبد الله، فأعتقها، وكانت حاضنته، وكان أهل ذلك البيت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكان لم يشاركهم فيه أحد، وكان المنافقون يتعرضون بالطعن في نسب أسامة لسواد لونه، يبغون بذلك أذية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمر عليهما القائف وهما نائمان في المسجد، قد تغطيا رءوسهما، فنظر إلى أقدامهما، وهو لا يدرى من هما، ولم ير وجههما فقال قوله، فسر بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما فيه من إشادة الحق، وغيظ أهل النفاق، واستحسن حديثه ودقة نظره في ذلك.
(ومن الحسان)
[٢٣٨٨] قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي هريرة- رضي الله عنه:(ولن يدخلها الله جنته)، أي: مع من يدخلها من المحسنين، بل يؤخرها أو يعذبها ما شاء، إلا أن تكون كافرة فيجب عليها الخلود.