للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: فقد روى عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (تقطع يد السارق في رب دينار فصاعدا) فالجواب عنه: أن هذا الحديث يروى في أثبت الروايتين موقوفاً على عائشة. وقد روى عنها أيضا من غير هذا الوجه بطرق شتى لم يخل من اختلاف الرواة فيها، فحملوا الأمر فيه على أنها ذكرت ربع دينار؛ لأن قيمة المجن كان عندها ربع دينار.

قلت: وأهل النقل يرون الترجيح لحديث ابن عمر وحديث عائشة؛ لأنهما أصح سندًا وأهل النظر يرون أحق الروايتين بالقبول رواية ابن عباس ومن نحا نحوه؛ لما يؤيده المعنى الذي ذكرناه، ولا يرون أن يقطعوا القول بالمراد عن قوله سبحانه {والسارق والسارقة} إلا على الوجه الذي لا اعتراض للشبهة فيه، على ما بيننا، والله أعلم.

فإن قيل: إن الأحاديث التي [ذكرتموه] في قيمة المجنّ أنها كانت عشرة دراهم حكم تنفيذ وليس بتحديد، والسارق إذا قُطع في عشرة لم يلزم منه أن لا يقطع فيما دون ذلك، وقد روى أبو داود حديث ابن عباس في كتابه ولفظه: (قطع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يد رجل في مسجنّ قيمته دينارًا وعشرة دراهم) قيل: هذه رواية ابن نُمير عن محمد بن إسحاق عن أيوب بن موسى عن عطاء عن ابن عباس وقد رواه الأثبات أيضا عن محمد بن إسحاق وفي روايتهم (كانت قيمة المجن الذي قطع فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرة دراهم) فعرفنا أن المجن المذكور في حديث ابن عباس هو المجن الذي اختلف في قيمته، وجعل أصلا في معرفة نصاب السرقة، فيكون قوله هذا على وجه التحديد. وحديث أيمن أوضح منه في معنى التحديد.

[٢٦٠٥] ومنه حديث [٩١/ب] أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لعن الله السارق يسرق البيضة ... الحديث) رأى بعضهم أن المراد من البيضة البيضة من الحديد، وليس الأمر على ما توهّمه وآخر الحديث ينقض عليه ذلك، وهو قوله: (ويسرق الحبل) وإنّما أراد أنه يتبع نفسه في أخذ الشيء اليسير مثل البيضة والحبل حتى يعتاد السرقة فيفضى به ذلك إلى أخذ ما يقطع فيه اليد.

(ومن الحسان)

[٢٦٠٦] قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث رافع بن خديج - رضي الله عنه - (لا قطع في ثمر ولا كثر) الكثر بالتحريك جُمّار النخل وهو شحمها. ويقال: طلعها والأول أصح.

<<  <  ج: ص:  >  >>