للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[٢٨٠٣] ومنه حديث أبي أمامة الباهلي- رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (ليس شيء أحب إلى الله من قطرتين وأثرين ..) الحديث؛ الأثر بالتحريك: ما بقى من رسم الشيء، وحقيقته: حصول ما يدل على وجود الشيء، ومنه يقال للطريق المستدل به على من تقدمه: آثار؛ قال الله تعالى: {فهم على آثارهم يهرعون}.

قلت: يحتمل أن يكون المراد منهما خطوة الماشي في سبيل الله، وخطوة الساعي في فريضة من فرائض الله، ويحتمل أن يكون المراد من أثر المجاهد ما يبقى عليه من أثر جراح أو خراج أو غير ذلك، فقد يقال لما بقى على البدن من ضربة السيف: أثر، بالتحريك، ولما يبقى من أثر الجرح بعد البرء: أثر، وأثر بالضم مثل عشر وعشر، وأن يكون المراد من أثر في فريضة: العلامة التي تبقى عليه مما أصابه في فريضة مثل الذي يتوضأ فتتفطر قدماه، أو يصوم فينحل بدنه وتجف شفتاه، أو يحج فيشحب لونه ويذهب بشر، وكلا الوجهين حسن، والأول أوجه، وقد وجدنا في بعض نسخ المصابيح: (أو أثر فريضة)، وليس بسديد رواية ومعنى، وإنما الرواية: (في فريضة من فرائض الله).

[٢٨٠٤] ومنه حديث عبد الله بن عمرو- رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا تركب البحر إلا حاجاً أو معتمراً أو غازياً في سبيل الله ..) الحديث فيه التهويل عن ركوب البحر، عما يتضمنه من الأخطار، وأن اختيار ذلك لغرض من الأغراض الفانية سفه وجهل؛ لأن فيه تلف النفس،. وبذل النفس لا يحمد إلا فيما يقرب العبد إلى الله.

وفي قوله: (فإن تحت البحر ناراً .. الحديث) إشارة إلى أن راكبه متعرض للآفات المهلكة كالنار والفتن المغرقة كالبحر، إحداهما وراء الآخرى. هذا القول المجمل فيه، وقد فصلت القول فيه في كتاب (مطلب الناسك في علم المناسك) فمن أحب القول [١٠٥/أ] المستوعب فليراجعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>