والوجه في الحديث أن يقال: إن سورة حاميم لها شأن وذكرها مما يستظهر به عند استنزال النصر، و (لا ينصرون) كلام مستأنف كأنه حين قال: قولوا حاميم قيل: ماذا يكون إذا؟ قال: لا ينصرون، أو قاله تيمنا وتفاؤلاً
[٢٨٩٨] ومنه حديث سمرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (اقتلوا شيوخ المشركين واستحيوا شرخهم) أي صبيانهم
قوله:(أي صبيانهم) ليس هو من متن الحديث ولا من كلام الصحابي، فلعل بعض الرواة في بعض طرقة أدرجه في الحديث فوجده المؤلف فيما بلغه، فذكره. فالظاهر أنه من عند المؤلف.
قوله - صلى الله عليه وسلم - (واستحيوا) أي استبقوا و (شرخ) بفتح الشين وسكون الراء جمع [شارخ] وهو الشاب كصاحب وصحب، وشارب وشرب، وقال ابن الأنباري قولا آخر فقال: الشرخ أول الشباب، فهو واحد يكفي من الواحد والاثنين والجمع، كقولك: رجل صوم، ورجلان صوم، ورجال صوم، وذكر أبو عبيد القاسم بن سلام في تأويله وجهين.
أحدهما: أنه أراد بالشيوخ الرجال المسان أهل النجدة والبأس ولم يرد الهرمى، وأراد بالشرخ الصغار الذين لم يدركوا، فصار تأويله: اقتلوا البالغين، واستبقوا الصبيان.
والآخر: أن يكون أراد بالشيوخ الهرمي الذين إذا سبوا لم ينتفع بهم للخدمة، وأراد بالشرخ الشاب اللذين يصلحون للملك وللخدمة.
قلت: وفي الشيوخ وجه آخر وهو أن نقول [أ/١١١]: لم ير استبقاء هؤلاء للملك والخدمة لما في نفوسهم من العبيه ولاستمرارهم على الكفر، ثم لما فيهم من النكر والدهاء، فلا يؤمن إذا عائلتهم ودخلتهم وما يتولد منهم من فساد في الدين، أو ثلمة في الإسلام وهؤلاء غير الفتاه الذين لا يعبأ بهم ولا يكترث لهم، وهذا أولى ما يأول عليه هذا الحديث؛ لئلا يخالف حديث أنس - رضي الله عنه - الذي في هذا الباب، وذلك ما روى عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:(انطلقوا باسم الله، وبالله، وعلى مله رسول الله، لا تقتلوا شيخاً فانيا ... الحديث)
وهذا الحديث ليس بأقل اعتبارا من حديث سمرة. وقد ذكرنا - فيما مضى - قول أهل الحديث في صحيفة سمرة، وراية الحسن عنها
[٢٨٩٩] ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - لأسامة - رضي الله عنه - (أغر على ابني) ابني بضم الهمزة موضع من بلاد جهينة، ومن الناس من يجعل بدل الهمزة لاما ولا عبرة به.