[٣٠٣٥] ومنه حديث عبد الله بن أوفى (غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبع غزوات كنا نأكل [معه] الجراد).
قلت: في كتاب البخاري (سبع غزوات أو ستا) وفي كتاب مسلم (سبع غزوات) في إحدى طرقه، وفي أخرى (ست أو سبع) وفي أخرى (ست غزوات) ولم يذكر مسلم في شيء من روايته: (معه) وكذلك الترمذي. ورواية من روى:(معه) يأول على أنهم أكلوه وهم معه فلم ينكر عليهم، وهذا يدل على إباحته. ولو صرفه مأول إلى الأكل فإنه محتمل. وإنما رجحنا التأويل الأول لخلو أكثر الروايات من هذه الزيادة، ثم لما ورد في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يأكل الجراد، وذكر ذلك من حديث سليمان - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد سئل عن الجراد، فقال:(أكثر جنود الله، لا أكله ولا أحرمه) وهو في الحسان من هذا الباب.
فإن قيل: كيف يترك الحديث الصحيح بمثل هذا الحديث؟ قلنا: لم نتركه، وإنما أولناه لما فيه من الاحتمال كي يوافق سائر [١٢٤/ب] الروايات، ولا يرد الحديث الذي أوردناه، وهو من الواضح الجلي، بما فيه خفاء والتباس، ولم يرد الرواي بقوله:(كنا نأكل الجراد) أنهم ألجئوا إليه في سبع غزوات حتى لم يكن لهم ما يتقوتون به غيره؛ لأن ذلك لم يذكر في شيء من الأحاديث، وإنما أراد أنهم كانوا إذا وقعوا به أكلوه.
[٣٠٣٦] ومنه حديث جابر - رضي الله عنه - (غزوات جيس الخبط) أي: مع جيس الخبط. وإنما سموا جيش الخبط؛ لأنهم أكلوا الخيط من الجوع حتى قرحت أشداقهم. والخبط - بالتحريك - الورق المخبوط. والمصدر: الخبط، وهو: أن يضرب الشجر بعصا لينحات ورقه.
[٣٠٣٧] ومنه حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال (إذا وقع الذباب في إناء أحدكم) الحديث.