[٣٥٤٤] ومنه حديث أبي هريرة إذا كان أحدكم في الفئ فقلص عنه ... الحديث) قلص أي: ارتفع وقلص الظل أي: أرتفع. وقلص الماء في البئر أي: ارتفع.
وفيه (فإنه مجلس الشيطان) هذا الحديث روى موقوفا على أبي هريرة وروى مرفوعا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأصل فيه الرفع، وإن لم يرو مرفوعا؛ لأن الصحابي لا يقدم على التحدث عن بالأمور الغيبية إلا من قبل الرسول، لا سيما وقد وردت به الروايات من غير هذا الوجه عن نبي الله، ولعله نهى عن ذلك؛ لأن الإنسان إذا قعد ذلك المقعد فسد مزاجه؛ لاختلاف حال البدن لما يحل به من المؤثرين المتضادين، وأضاف المجلس إلى الشيطان؛ لأنه الباعث على الجلوس فيه، أو كره ذلك المجلس لوقوعه بين النقيضين، واحتوائه علي اللونين، وذلك يشبه من حيث الصورة [مراصيد] الشيطان بين الكفر والإيمان، والطاعة والعصيان، والذكر والنسيان من حيث المعنى. ومبني القولين علي الاحتمال، والحق الأبلج فيه وفيه أمثاله التسليم لنبي الله - صلى الله عليه وسلم - في مقاله، فإنه يعلم ما لا يعلم غيره، ويرى ما لا يرى غيره.
[٣٥٤٥] ومنه قول على في حديثه: (إذا مشى تكفأ تكفيا) تكفأت المرأة في مشيتها: ترهيات ومادت كما تتحرك النخلة العيدانة على هذا فسره أبو عبيد وغيره. قالوا: والأصل فيه الهمزة ثم تركت وألحقت بالمعتل وقد رواه بعضهم على الأصل تكفأ تكفئا.
قلت: والأشبه في تفسير هذا اللفظ أن يحمل على صب المشي دفعة واحدة كالإناء الذي يفرغ، ويدل عليه ما بعده (كأنما ينحط [١٤٩/ب] من صبب) وفي معناه (إذا مشي تقلع) أي: دفع رجله دفعا ثابتا متداركا إحداهما بالأخرى مشية أهل الجلادة.
[٣٥٤٦] ومنه قول أبي هريرة في حديثه (لنجهد أنفسنا) يجوز فيه فتح النون وضمه، يقال: جهد دابته وأجهدها: إذا حمل عليها في السير فوق طاقتها.