وفي الآية فائدة:
وهي أن هؤلاء المنافقين أرادوا الراحة لأنفسهم؛ فعصوا الرسول وكذبوا عليه، وهم في الحقيقة أهلكوا أنفسهم بالتخلف والكذب، وعرّضوها لمقت الله وعقابه.
[شهد]
قال تعالى: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [آل عمران: ١٨].
(شَهِدَ اللَّهُ) معنى شهادة الله: وهو أجلّ شاهد على أجلّ شهادة وأعظمها وأصدقها.
وتتضمّن: أنه أَعْلمَ وبيّنَ وحكمَ وقضى؛ فهي:
- شهادة إعلام لجميع خلقه.
- شهادة إثبات صدقِها وبطلانِ ما سواها.
- شهادة إخبارٍ بمقتضاها.
- شهادة بيان لآياته الدالة عليها.
- شهادةٌ تكلم بها، ونطقَ بها كتابه.
- شهادة إقرار وحجة على خلقه.
- شهادة حُكم وقضاء وإلزام؛ يترتب عليها فوز كلّ شاهد عابد، وبوار كلّ مُعرض جاحد -والله أعلم بمراده- ربنا شهدنا وآمنا؛ فاكتبنا مع الشاهدين.
[شهيد]
قال تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ [ق: ٣٧].
(شَهِيد) أي: حاضر القلب.
والمعنى: في الآيات السابقة -بل وكتاب الله كله- نفع عظيم، وعبرة وعظة لنوعين من الناس:
١ - لمن كان له قلب حي، ذكي، زكي: فهذا إذا ورد عليه شيء من آيات الله تذكر بها، وانتفع فارتفع.
٢ - وكذلك من ألقى سمعه إلى آيات الله، واستمعها استماعًا يسترشد به: فإن الله يرشده بها.
(وهو شَهِيدٌ) أي: وقلبه حاضر واع غير غافل، وحاضر الفهم والتدبر؛ فهذا له أيضًا ذكرى وموعظة، وشفاء وهدى.