(المطهرون): هم الملائكة. فالمعنى هنا: لا يمس الصحف إلا الملائكة؛ كما قال تعالى: ﴿فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ ١٣ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ ١٤ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ ١٥ كِرَامٍ بَرَرَةٍ﴾ [عبس: ١٣ - ١٦].
٢ - أن هاء الضمير تعود على القرآن الكريم:
ف (المطهرون) إذن: هم المؤمنون؛ لأنهم مطهرون من الشرك.
أما من قال: (المطهرون) هم المتوضؤون. فبعيد لغة؛ لأنه لو كان المراد المطهرون هم المتوضؤون لقال: (المُطَّهِّرون) أي: المتطهرون. انظر: تفسير العثيمين للآية.
فائدة:
كذلك اختلف المفسرون في اللام في (لا يمسه): هل هي لام الخبر، أم لا الناهية؟ وعلى هذا يختلف المعنى المراد:
- لا يمسه (الناهية) أي: لا ينبغي أن يمسه إلا كل طاهر من الشرك.
- لا يمسه (الخبرية) أي: ليس هناك أحد يمسه إلا الملائكة المطهرون.
قد يرِد تساؤل عن حكم مس المصحف لغير المتوضئ: وقد اختلف أهل العلم في ذلك لوجود ما يعضد كلا القولين من أدلة، والأفضل والأحوط: هو الطهارة.
هذا بخلاف حال الجنابة الذي تُشترط فيه الطهارة قبل مس المصحف، ويرجع في ذلك لأهل الفقه وكتب الفقهاء.
[مكين]
قال تعالى: ﴿ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ﴾ [التكوير: ٢٠].
(مَكِين) من التمكُّن: وهو القوة والقدرة والسلطة، ومن المكانة: الشرف وعلو المرتبة.
وهو وصف لجبريل ﵇: بأن له مكانة عند الله راسخة، ومرتبة عالية، وسلطة وقولًا مطاعًا مسموعًا بين الملائكة؛ لذلك اختاره لتبليغ الوحي.
* ﴿فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ﴾ [يوسف: ٥٤].
(مَكِينٌ) أي: بوأناك مكانة عندنا، ومرتبة وسلطة تُمَكِّنك من أن تكون مطاعًا نافذ القول.
* ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ﴾ [المؤمنون: ١٣]، وكذلك: ﴿فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ﴾ [المرسلات: ٢١].
(مَكِينٍ) أي: مكانٍ آمنٍ حصينٍ ثابتٍ مستقرٍ.