[(التوبة: ٦١)]
قال تعالى: ﴿وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [التوبة: ٦١].
(وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ) تتجلَّى في الآية أخلاق النبي الكريم ﵊ وحُسن معاملته للمنافقين، وقد ذكرنا سابقًا معنى (هو أذن) في حرف الألف (أذن).
(ويؤمن للمؤمنين) أي: يصدقهم.
معنى الآية: أن النبي ﷺ يصدق بالله وبما أنزل عليه، ويصدق المؤمنين في شؤونهم كشهاداتهم وحقوقهم، ويصدق أقوالهم فلا يكذبهم.
- فالفرق بين لفظ (آمن) المتعدي بالباء والمتعدي باللام:
(يؤمن ب) بمعنى: التصديق القلبي والثقة والاعتقاد؛ فصدق بالشيء؛ أي: تمكّن من قلبه، فهو إيمان برب ودين وعقيدة …
(ويؤمن ل) بمعنى الموافقة والقبول، فهو يصدق ويقبل ما يقول المؤمنون؛ فيقبل أقوالهم وشهاداتهم …
وقيل: إن التعدية ب (الباء) تكون للأمور الغيبية، أما المشاهدة: فتكون ب (اللام).
* ﴿قَالُوا يَاأَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ ١٧﴾ [يوسف: ١٧].
(بِمُؤْمِنٍ لنَا) أي: بمصدق لأقوالنا؛ أي: لن تتقبل أقوالنا أنها صادقة.
وفي القرآن الكريم آيات كثيرة فيها التعدية باللام؛ منها:
* ﴿قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ﴾ [الشعراء: ١١١] أي: أنقبل ونوافق على ما تدعونا إليه؟
* ﴿فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ﴾ [يونس: ٨٣].
(فما آمن لموسى) أي: ما صدقه فيما يقول وقَبِلَ الدخول في دينه.
* ﴿يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ﴾ [التوبة: ٩٤].
(لَنْ نؤْمِنَ لَكُمْ): لن نصدقكم؛ أي: لن نقبل منكم خبرًا صادقًا.
- ومن ذلك لفظ (آمين) أي: اللهم استجب وتقَبّل، ولا تعني: اللهم صدّق.