للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأمر الله نبيه أن يتركهم استدراجًا وإمهالًا لظلمهم وافترائهم، ولو شاء الله لمنعهم فلم يستطيعوا فعل شيء فكل شيء تحت أمره ومشيئته، فلا يحزن عليهم؛ فلن يضروه شيئًا.

[سورة الأعراف]

[(الأعراف: ٤٦)]

قال تعالى: ﴿وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ﴾ [الأعراف: ٤٦].

(لم يدخلوها وهم يطمعون) أي: أن هؤلاء الذين هم أصحاب الأعراف الذين استوت سيئاتهم مع حسناتهم، فلم تنزل بهم سيئاتهم إلى جهنم، ولم ترتفع بهم حسناتهم إلى الجنة؛ ظَلُّوا على حجاب -وهو سور بين الجنة والنار يقال له: الأعراف- يرون مِنْ عليه حالَ أهل الجنة وحال أهل النار؛ فإذا نظروا لأهل الجنة سلَّموا عليهم، وإذا نظروا لأهل النار سألوا الله ألا يجعلهم معهم، ثم يدخلهم الله الجنة بعد أن يطمعوا في كرامته ﷿.

فمعنى الآية: لم يدخلوا الجنة مع الداخلين ولكنهم يطمعون في دخولها، وما جعل الله الطمع في قلوبهم إلا لخير أراده بهم، فيحقق الله لهم ذلك، كما رجّح كثير من المفسرين؛ فمن طمع في رحمة الله وهو غير مشرك به لم يُخَيّبْه.

[(الأعراف: ١٠١)]

قال تعالى: ﴿تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ﴾ [الأعراف: ١٠١].

(فَمَا كَانُوا لِيُؤمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبلُ) ما المراد ب (بما كذبوا من قبل)؟

اختلف المفسرون على عدة أوجه:

١ - فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا لما سَبَقَ في عِلْمِ اللَّهِ يَوْمَ أخَذَ على بني آدم المِيثاقَ أنَّهم سيُكَذِّبُونَ بِالله ورسله، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [يونس: ٩٦].

٢ - ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا لو رددناهم إلى الدنيا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ مع الرسل السابقين، كما قال تعالى: ﴿وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ﴾ الآيَةَ [الأنعام: ٢٨].

<<  <   >  >>