(مقنعي رؤوسهم) تقول العرب: (أقنع رأسه) أي: نصبه مرفوعًا لا يلتفت يمينًا ولا شمالًا.
والمعنى: رافعي رؤوسهم ملتصقة بأعناقهم من الخلف من شدة الرفع، لا يلتفتون يمينًا ولا شمالًا من الهلع؛ لما يرون من أهوال.
(لا يرتد إليهم طرفهم): محدقة أبصارهم نحو مشاهد الهول يوم القيامة لا ترتد ولا تطرف.
(وأفئدتهم هواء): وأفئدتهم من شدة الخوف والجبن والهلع فارغة لا تعي شيئًا من الذهول.
[سورة الحجر]
[(الحجر: ٦٥)]
قال تعالى: ﴿فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ﴾ [الحجر: ٦٥].
(بِقِطْع منَ الَّيلِ) أي: ببقية الليل الآخر، وهو أظلمه.
* ومثلها: ﴿وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [يونس: ٢٧].
(قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا): يصف الله تعالى حال هؤلاء يوم القيامة بصورة حسية، حينما يأتون ووجوههم كالحة عليها ظلمة المعاصي، فكأنها من فرط سوادها أُلْبِسَتْ قطعًا من أظلم الليل.
ومنها الحديث الشريف: «بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا» مسلم (١٨٦).
أي: بادروا بالأعمال الصالحة قبل تعذّرها عليكم، والاشتغال عنها بما سيحدث من الفتن المتراكبة كتراكم ظلام الليل غير المُقمر، الذي لا يُرى فيه بادرة من نور الحق؛ فيعظم خطر الانقلاب فيه من الإيمان للكفر، نسأل الله السلامة!
[(الحجر: ٦٥)]
قال تعالى: ﴿فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ﴾ [الحجر: ٦٥].
(وَاتَّبِع أَدبَارَهُم): هو أَمر من الله للوط ﵇ في شأن الثُّلة من المؤمنين الذين خرجوا معه من القرية الظالمة؛ أي: سِر خلفهم وهم أمامك حتى لا يتخلّف منهم أحد فيناله العذاب.