للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(بَعْدَ أُمَّةٍ) أي: بعد زمن طويل.

والمراد به: السجين الذي كان مع يوسف ؛ نسي ما قال له يوسف: (اذكرني عند ربك) ثم تذكر بعد فترة طويلة من الزمان.

ومثلها في أصل المعنى قوله تعالى:

* ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ١٧﴾ [القمر: ١٧].

(مُّدَّكِرٍ) أي: متذكر تذكر اعتبار واتعاظ.

* ومثلها قوله تعالى: ﴿وَلَقَد تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ١٥﴾ [القمر: ١٥].

* ﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ٥١﴾ [القمر: ٥١].

* ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ١٧﴾ [القمر: ١٧].

من التذكر؛ أي: هل من متذكر يتعظ ويعتبر؟

[(يوسف: ٥٢)]

قال تعالى: ﴿ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ﴾ [يوسف: ٥٢].

(لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ) تحتمل معنيين:

- الأول: أنه من قول امرأة العزيز -وهو الأظهر والأنسب للسياق- وفاعل (يعلم) أحد اثنين:

١ - ليعلم زوجي العزيز أنني حين اعترفت بمراودة يوسف، فإني بذلك لم أخنه سرًّا؛ فقد كانت مجرد مراودة وَهَمًّا لا أكثر.

٢ - ليعلم يوسف حين أقررتُ أني أنا الذي راودته، وأنه هو الصادق؛ فإني بذلك لم أخنه في حال

غيبته عني.

وإن كانت هي القائلة: فالآية التي تليها تابعة لها (وما أُبَرِّئُ نَفْسِي) فيكون اتهامًا منها لنفسها على الحقيقة، من باب الصدق والاعتراف بالخطأ.

- الثاني: أنه من قول يوسف حينما عاد إليه رسول الملك فلم يجبه، وطلب منه أن يسأل النسوة اللاتي قطَّعن أيديهن عن شأنهن، (ليعلم) العزيز (أني لم أخنه) في أهله (بالغيب).

وإن كان القائل يوسف : فالآية التي تليها من قوله: (وما أُبَرِّئُ نَفْسِي) فيكون من باب التواضع وعدم التزكية.

<<  <   >  >>