للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- فالإمام من المكان تعني: الذي يقصده الناس.

- والإمام من الأشخاص: القدوة الذي يتّبعه الناس؛ كقوله تعالى: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاما﴾ [البقرة: ١٢٤]، ﴿وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ [الفرقان: ٧٤].

ومن الكتب: كما في قوله: ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ﴾ [يس: ١٢] أي: في كتاب واضح؛ وهو اللوح المحفوظ.

﴿وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَة﴾ [الأحقاف: ١٢] أي: يُؤتم به، ويُعمل بما فيه.

[أمامه]

قال تعالى: ﴿بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ﴾ [القيامة: ٥].

(أَمَامَهُ) تحتمل معنيين كلاهما صحيح:

١ - أمامهُ في أيامه القادمة وما امتد من عمره في هذه الحياة الفانية.

فيكون المعنى: يريد الإنسان أن يمضي في الفجور والمعاصي قُدُمًا، لا يثنيه ولا يردعه شيء.

فهذه الآية تبين طول الأمل، والتسويف، ونسيان الأجل.

فيحتمل أن يكون سؤاله في الآية بعدها: ﴿يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ﴾ سؤال غفلة واستبطاء.

٢ - أمامه؛ أي: فيما هو قادم عليه وهو يوم القيامة، والفجور هنا: هو التكذيب به.

والمعنى: يريد الإنسان أن يُكذِّب بما أمامه وما هو قادم إليه وهو يوم القيامة؛ فيكون سؤاله في الآية بعدها: ﴿يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ﴾ [القيامة: ٦] سؤال تكذيب وعناد واستكبار.

وبجمع المعنيين يتبيّن أن من الناس من يريد أن يدوم على فجوره في الحاضر والمستقبل ويسوّف التوبة، ومنهم من هو سادر في الغيّ، ولا يؤمن بيوم القيامة، بل هو مكذِّبٌ به، ولا يحسب له حسابًا.

فائدة (١):

في قوله تعالى: (يريد الإنسان):

- إرادة الإنسان في المعنى الأول تعني: إرادته الاسترسال في المعاصي والشهوات.

- وفي المعنى الثاني: تفيد تعمّده الإصرار والتكذيب والعناد.

فائدة (٢):

* الفجور في المعنى الأول يراد به: الفسق والمعاصي.

<<  <   >  >>