وتعارض مقتضيين بعيد. وقول المختصر: وجازت كتعوذ بنفل، الظاهر أنه أراد عدم الكراهة وعدم الندب الخاص.
ــ
الإتيان بها في هذا المحل؛ لأنها إنما ندب الإتيان بها فيما هو معظم شرعًا، وإن كانت في ذاتها ذكرًا؛ فإن الذكر قد يكره في غير محله وإن لم يكن فيه ما ينافي التعظيم كما في التلبية في غير الحج؛ فتأمل.
(قوله: وتعارض مقتضيين إلخ) جواب عما يقال: إن الإباحة ظاهرة إذا تعارض مقتضى الندب وعدمه؛ لأنهما بتساقطهما يرجع الأمر للإباحة، وذلك كما في الوضوء بالماء المغصوب؛ فإن عبادة الوضوء تقتضي ندب التسمية، ومعصية الغصب تقتضي كراهته، فتعارضا فتساقطا ويرجع الأمر للإباحة. ويحتمل أنه دفع لما يقال: إن نحو القيام والقعود تعارض فيه مقتضى الندب والكراهة لعدم اعتبارها شرعًا؛ فيتساقطان ويرجع الأمر للإباحة، فلا تكون بعيدة (قوله: بعيد) لما علمت أنها في ذاتها ذكر وفيه ما تقدم، وهذا إن لم يقصد التحصن، وإلا فهي مندوبة لرجوعه للأمر ذي البال (قوله: الظاهر أنه أراد عدم الكراهة إلخ)؛ أي: من حيث خصوص المحل بدليل قوله: وكرهًا بغرض، وهذا لا ينافي ثبوت الندب العام، وهو نقيض الإباحة
ــ
ذكرتهم مقتهم" (قوله: وتعارض مقتضيين بعيد) يعني أن كونها ذكرًا يقتضي الأمر، وصون الاسم عن اقترانه بالمحقر يقتضي النهي، فيرجع لاستواء الطرفين، ووجه البعد أن الأصل أقوى فأراد بعد العمل بالتعارض في التساقط، نعم إن حمل الخادمي على ما حمل عليه المختصر والشاطبي، لكن كلامه في الإباحة التي هي أحد الأحكام الخمسة أعني استواء الطرفين، والقول بأن ذلك باعتبار خصوص المحل لا يجدي، فإن كل مندوب تخصيصه ببعض الأزمنة أو الأمكنة أو الأحوال المباحة دون بعضها مباح، ولا يخرجه ذلك عن كونه مندوبًا، والأصح أن يقال: التسمية حال الوضوء من هذا الماء بخصوصه مباحة من حيث تخصيصه عن الماء الآخر؛ فإن الحكم الأصلي في البسملة عام كما عرفت، وأما كراهة ذكر في غير محله، فذلك لخصوصية قصرته على محله، ككون التلبية شعار الحج وعدم ورودها في غير؛ فليتأمل.