قال ابن مهدي يعني سفيان بقوله: كانوا يرونه: التابعين الذين هم من خير القرون ويروى. "لا تنقضي الساعة حتى يضرب الناس أكباد الإبل" إلخ انظر (ح) فبالجملة متى قال الأئمة: هذا قول عالم المدينة فهو المراد في كتاب (مشارق الأنوار القدسية في العهود المحمدية) للشعراني أوائل قسم المنهيات في عهد: عدم التهاون بتأخير الأوامر الشرعية ما نصه: قد ورد عليَّ شخص من الفقراء فقال لي: مررت البارحة على شخص من علماء المالكية زائرًا فقلت له عند الانصراف: اقرأ الفاتحة، فأبى وقال: ما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- الأمر بقراءتها عند الانصراف، فقلت لهذا الزائر: الأمر سهل ليس علينا وزر إذا قرأنا الفاتحة عند الانصراف، ولا إذا لم نقرأها، فنمت فرأيت تلك الليلة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعاتبني على قولي: الأمر سهل، ثم أمرني بمطالعة مذهب الإمام مالك، فطالعت الموطأ والمدونة الكبرى، ثم اختصرتها، ولفظه عليه الصلاة والسلام: يا عبد الوهاب عليك بالاطلاع على أقوال إمام دار هجرتي والوقوف عندها فإنه شهد الآثار أي: شهد آثاري، انتهى هذا كلام الشعراني.
ــ
منها، ولا استوطن غيره في زمن مالك مجتمعًا عليه إلا مالكًا، ولا أفتى بالمدينة وحدث نيفًا وستين سنة أحد من العلماء يأخذ عنه أهل المشرق، والمغرب ويضرب له أكباد الإبل غيره، وهذا مما يدل على أن مذهبه أرجح المذاهب بشهادة السلف الصالح مع تنافر الأقران، وعدم الإنصاف للأماثل، وقد اجتمع من مجموع من روى عن مالك من المشاهير ألف وثلاثمائة، وزاد على ذلك من المشرق والمغرب وغير ذلك من الأمصار وغير المشاهير لا يحصون (قوله: ابن مهدي) هو عبد الرحمن بن مهدي العنبري، سمع الثوري ومالكًا وشعبة وعبد العزيز بن الماجشون والحمادين وأبا عوانة وابن عيينة وغيرهم، وأخذ عنه ابن المبارك، وابن وهب، وابن المديني، والإمام أحمد، ويحيى بن سعيد، وابن راهويه، وأبو ثور، وغيرهم، بصري الأصل، قدم بغداد وحدث بها، كان أحد الربانيين في العلم، والمذكورين بالحفظ، أثنى عليه ابن حنبل ويحيى بن سعيد وغيرهما، وقدموه على وكيع وغيره في الحفظ والضبط، ولد سنة خمس وثلاثين ومائة، ومات سنة ثمانٍ وتسعين وله ثلاث وستون سنة، قاله الخطيب في تاريخ بغداد: وهو غير عبد الرحمن بن مهدي بن محمد بن عطية أبو سليمان العبدي الداراني (قوله: الذين هم من خير القرون) أي: وكفى بذلك شاهدًا (قوله: والوقوف عندها)؛ أي: الأخذ بها.