هي موضوع الفقه، فإنه العلم الباحث عن أحكام المعبود في أفعال العبيد، وإنما كان الأولى ذلك لما فيه من العمل بمقتضاها والفن والوفاء بحقهما، حتى قيل: التكلم عليها من غير الفن المشروع فيه قصورٌ، إن كان لا يحسن التكلم عليها منه، أو تقصير إن كان يحسنه، وعدل إلى غيره. وقولنا: إن كانت مندرجة في موضوعه للاحتراز عن نحو علم الحساب، والفرائض، والعروض؛ فإن موضوع الأول: العدد، وموضوع الثاني: التركات، وموضوع الثالث: الشعر، وليست البسملة شيئًا من ذلك.
(قوله: فأصل حكمها الندب)؛ أي: الحكم المتأصل لها الثابت لها لذاتها بقطع النطر عن العوارض بدليل ما يأتي الندب: وذلك؛ لأنها من الأذكار وأدنى مراتب الذكر الندب، ويبعد كون المراد بالأصل الغالب، والإضافة في (قوله: حكمها) لأدنى ملابسة، أو فيه مضاف مقدر حذف للعلم به؛ أي: حكم الإتيان بها، فإن لأحكام إنما تتعلق بالأفعال. والفاء فصيحة لإفصاحها عن مقدر؛ أي: إذا أردت بيان ذلك فأقول: أصل حكمها إلخ. ب (قوله: في غالب ذوات البال)؛ أي: في ابتداء أكثر ذوات البال؛ أي: الحال المعتد به شرعًا، وهو ما ورد الأمر بالابتداء بها فيه، أو جرى العمل به عبادة كان؛
ــ
(قوله: في غالب ذوات البال) اقتصار على الأهم المتأكد من الندب؛ تخلصًا لما في بعضه من الخلاف بعد، وتأكده لا يخرج عن حكم الأصل أعني الندب من حيث هو، كما قالوا: الأصل بعد البعثة في المضار الحظر، وظاهر أن كل ما اشتد ضرره اشتد حظره، وهذا لا ينافي أن الحظر من حيث هو أصل المضار، فلا تخالف بين ما هنا وبين زيادتنا في حاشية الزرقاني: ويتأكد في غالب ذوات البال، ولا يرد على ما هنا شيء، وهذا الكلام له التفات لكلام المناطقة في المقول بالتشكيك، وأن حقيقته واحدة وإن تفاوت. واقتصرنا في الرسم على بسملة الأصل؛ لأنا جعلنا الشرح معه كالشيء الواحد؛ إسراعًا بالمقصود مع أنا أتينا بها عند الشروع في الشرح نطقًا مع ما يسره الله تعالى من ذكر.
كما أنا اقتصرنا على الأحكام التكليفية لبعد الوضعية في البسملة، لكن