للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- والفريق الثالث: نفوا هذا وهذا، كالقرامطة، والباطنية، والفلاسفة أتباع المشائين ونحوهم من الملاحدة، الذين ينكرون حقائق ما أخبر الله به عن نفسه، وعن اليوم الآخر " (١).

فأهل الإيمان الحق، هم الذين آمنوا بكل ما جاء عن الله تعالى، وعن رسوله - صلى الله عليه وسلم -، من الأخبار. وما جاء عن الله تعالى، وعن رسوله - صلى الله عليه وسلم - من الأخبار هو الصدق والعدل، قال تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١١٥)} [الأنعام:١١٥]، والمقصود هو القرآن الكريم، وتمامه يكون في حججه ودلائله، وفي أحكامه وأوامره، وفي تمام كلامه، واستكمال صوره، وفي وعده ووعيده. فالقرآن صدقا فيما حكاه عدلا فيما قضاه (٢).

قال الإمام ابن كثير: "صدقا في الأخبار، وعدلا في الأحكام، فكله حق ... وصدق، وعدل، وهدى، ليس فيه مجازفة، ولا كذب، ولا افتراء " (٣).

ولما كان خبره تعالى هو الصدق، وحكمه هو العدل، قال جل شأنه لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (٦)} [النمل:٦] " حكيم بتدبير خلقه، عليم بأخبارهم، وما فيه الخير لهم " (٤).

وكيف لا يكون صدقا وعدلا، وقد أنزله الله جل وعلا بعلمه، قال تعالى: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (١٦٦)} [النساء:١٦٦].

فأهل الإيمان الحق يُسلمون لنصوص الوحيين، وما دلت عليه، ولا يُعارضون بعقل، أو قياس، أو عادة، ولا يردون بشبهة، أو هوى. فأخبار اليوم الآخر كلها على السواء، في التسليم والانقياد، ما ورد على وجه التواتر أو الآحاد. فالشريعة واحدة، ومصدرها واحد، فما جاء فيها من النصوص فهو حق، يجب الإيمان به، وتصديقه، وتقديمه.


(١) ابن تيمية: مجموع الفتاوى،: (٣/ ٢٩).
(٢) الطبري: جامع البيان: أحمد محمد شاكر، ص (١٢/ ٦٢)، الماوردي: النكت والعيون (٢/ ١٦٠).
(٣) ابن كثير: تفسير القرآن العظيم ت: سامي سلامة (١/ ١٩٩)
(٤) المراغي: تفسير المراغي: (١٩/ ١٢٢).

<<  <   >  >>