للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الأول أثر الإيمان باليوم الآخر في تقويم السلوك في ضوء القرآن الكريم]

أشار القرآن الكريم في كثير من آياته، إلى أثر الإيمان باليوم الآخر، في تقويم السلوك، وتهذيب الأخلاق، وذلك بالتذكير به في التعاملات الإنسانية والتجاوزات البشرية، وهذا يدل على اهتمام القرآن الكريم بهذا الأمر ولذلك أكثر القرآن الكريم من التذكير بهذا اليوم العظيم؛ إذ به تخف سَورة النفس البشرية وطغيانها، مما يؤدي إلى الالتزام والاستقامة على شرع الله جل وعلا.

ومن النصوص الشرعية القرآنية الشريفة، الدالة على أثر الإيمان باليوم الآخر في تقويم السلوك، وتهذيب الأخلاق، والوقوف عند حدود الشريعة ما يلي:

١ - يقول الله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [البقرة:٢٢٨].

يقول الإمام الطبري في بيان أثر الإيمان باليوم الآخر، في عدم كتمان المرأة المطلقة ما خلق الله رحمها:" إن كتمان المرأة المطلقة زوجها المطلقها، ما خلق الله تعالى في رحمها، من حيض وولد، في أيام عدتها من طلاقه ضراراً له ليس من فعل من يؤمن بالله واليوم الآخر، ولا من أخلاقه، وإنما ذلك من فعل من لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر، وأخلاقهن من النساء الكوافر، فلا تتخلقن أيتها المؤمنات بأخلاقهن، فإن ذلك لا يحل لكن، إن كنتن تؤمن بالله واليوم الآخر، وكنتن من المسلمات" (١).

ومع كون هذه الآية الكريمة، تدل على أن المرأة مؤتمنة على عدتها وحملها (٢) ... إلا أن الذي يحملها على عدم خيانة هذه الأمانة، ويحجزها عن ذلك، هو إيمانها بالله تعالى واليوم الآخر.


(١) الطبري: جامع البيان، مؤسسة الرسالة، ط ١ ١٤٢٠ هـ، ت: أحمد محمد شاكر، ص (٤/ ٥٢٥)
(٢) مكي أبو طالب: الهداية إلى بلوغ النهاية، مجموعة بحوث الكتاب والسنة، كلية الشريعة، جامعة الشارقة، ط ١ ١٤٢٩ هـ (١/ ٧٦١).

<<  <   >  >>