للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الأول (اليوم الآخر في الكتاب العظيم)]

[المطلب الأول: المميزات العامة لطريقة القرآن الكريم في البيان]

لما كان القرآن الكريم هو الكتاب الخاتم والمهيمن على كل الكتب السماوية السابقة، كما قال جل وعلا: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ .... } [المائدة:٤٨].

فالقرآن الكريم مهيمن، فهو أمين وشاهد وحاكم على كل كتاب قبله جعل الله هذا الكتاب العظيم، الذي أنزله آخر الكتب وخاتمها، أشملها وأعظمها وأحكمها، حيث جمع فيه محاسن ما قبله، وزاده من الكمالات ما ليس في غيره، فلذا جعله شاهداً وأميناً وحاكماً عليها كلها، وتكفل تعالى بحفظه بنفسه الكريمة فقال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)} [الحجر:٩] (١).

والقرآن الكريم: تتبع كل حق جاءت به الكتب فأمر به، حث عليه، وأكثر من الطرق الموصلة إليه، وهو الكتاب الذي فيه نبأ السابقين واللاحقين وهو الكتاب الذي فيه الحكم والحكمة (٢).

فلما كان القرآن الكريم بهذه المثابة العظيمة، جعله الله سبحانه وتعالى كتاب نور وهداية، يجد فيه كل حيران بغيته، ويرد كل هائم إلى مورده، قال سبحانه وتعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ... } [الإسراء:٩].

فهذه الآية الكريمة، أجمل الله جل وعلا فيها جميع ما في القرآن من الهدي إلى خير الطرق وأعدلها وأصوبها، فلو تتبعنا تفصيلها على وجه الكمال لأتينا على جميع القرآن العظيم لشمولها لجميع ما فيه من الهدى إلى خير الدنيا والآخرة (٣).

وهداية القرآن تمتاز بأنها: عامة وتامة وواضحة، أما عمومها: فلأنها تنتظم الإنس والجن في كل عصر ومصر، وفي كل زمان ومكان.


(١) ابن كثير: تفسير القرآن العظيم ت: سامي سلامة (٣/ ١٢٨)
(٢) السعدي: تيسير الكريم الرحمن، مؤسسة الرسالة، ط ١ ١٤٢٠ هـ، ص (٢٣٤)
(٣) الشنقيطي: أضواء البيان، دار الفكر - بيروت، ١٤١٥ هـ (٣/ ١٧)

<<  <   >  >>