للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥ - إقامة البراهين القطعية الدالة على المعاد واليوم الآخر، سواء كانت هذه البراهين والدلائل نقلية، وهي كثيرة مستفيضة، وقد جاءت بأوجه متعددة أم كانت براهين ودلائل عقلية، أم براهين ودلائل حسية مشاهدة فالقرآن الكريم أكثر من ذكر هذه البراهين القطعية، ليقطع الطريق على المكذبين، ويوقظ فطر المنحرفين.

والناظر والمتأمل فيما حكاه الله تعالى عن الآيات التي أيّد الله تعالى بها أنبياءه ورسله، والدالة على صدقهم، يجد أنها متضمنة لدلائل أخرى منطوية تحت هذه الآية، فالمعجزة، لا تقتصر دلالتها على إثبات صدق النبي، بل إن علماء السلف يرون أنها موصلة إلى إثبات توحيد الربوبية، وإثبات صفاته تعالى وإثبات المعاد (١).

فالعصا الجماد التي كان موسى - عليه السلام - يتوكأ عليها، ويهش بها على غنمه، قلبت عينها إلى حية تسعى بقدرة الله تعالى، فهي مع كونها دالة على صدق نبوة نبي الله موسى - عليه السلام - إلا أنها تدل على جملة من الدلائل والبراهين العقائدية، كإثبات القدرة الإلهية، والدلالة على الربوبية ,إثبات المعاد، إذ الذي جعل الحياة في جماد، قادر على الإعادة مرة أخرى.

وناقة نبي الله صالح - عليه السلام -آية له ـ تدل على صدق دعواه، فهي آية عظيمة تدل على النبوة والرسالة، وتدل على البعث والمعاد، فمن أخرجها من صخرة صماء من غير عادة ولا طبيعة، فهو قادر على إعادة البشر مرة أخرى بعد موتهم (٢).

[المسألة الثانية: أسباب العناية باليوم الآخر في القرآن الكريم]

وأما أسباب العناية بالمعاد واليوم الآخر في القرآن الكريم فكثيرة، يجدها المتبع والدارس لتاريخ الجاهلين وبقايا أهل الكتاب وغيرهم ممن بُعث إليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فالجاهليون وبقايا أهل الكتاب وغيرهم من بُعث إليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فالجاهليون كانوا أشد الناس إنكاراً وتكذيباً للمعاد، وإن كان قد وجد فيهم من يقر به، إلا أن الغالبية العظمى منهم كانوا ينكرونه، ويجادلون فيه.


(١) أحمد عبد اللطيف: منهج إمام الحرمين في دراسة العقيدة، ص (٤٩٦).
(٢) أحمد عبد اللطيف: شرح الرسالة التدمرية ١٤٣٣ هـ، ص (٤٠٨ - ٤١٠).

<<  <   >  >>