للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالواجب على المكلف الإيمان بهذا الركن العظيم، يقول العلامة السفاريني: " واعلم أنه يجب الجزم شرعا، أن الله تعالى يبعث جميع العباد، ويعيدهم بعد إيجادهم بجميع أجزائهم الأصلية، وهي التي من شأنها البقاء من أول العمر إلى آخره، ويسوقهم إلى محشرهم لفصل القضاء. فإن هذا حق ثابت بالكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة، مع كونه من الممكنات التي أخبر بها الشارع، وكل ما هو كذلك فهو ثابت، والإخبار عنه مطابق " (١). وهذا مقتضى الإيمان بقوله سبحانه وتعالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة:٣]، وهو يعم الآخرة، ولكن ذكرها المولى عز وجل، ونصَّ عليها ثانيا؛ " لِعِظَمِها والتنبيه على وجوب اعتقادها والرد على الكفرة الجاحدين لها " (٢).

ونُشير في هذا المقام: إلى انحراف المتكلمين، وجنوحهم عن طريق الهدى وبعدهم عن الصواب في باب اليوم الآخر، وذلك من جهتين:

الأولى: قصرهم أدلة إثبات اليوم الآخر، وأحواله، وأهواله في السمعيات فقط.

الثانية: ظنهم أن القول باليوم الآخر، لا يُعرف إلا بإثبات نظرية الجوهر الفرد.

وهاتان الجهتان هما موضوع المسألة الثانية والثالثة.

المسألة الثانية: قصرُ المتكلمين أدلة إثبات اليوم الآخر في السمعيات فقط:

بيان حكم هذه المسألة في النقاط التالية:

١ - المراد بالسمعيات (الغيبيات):

السمعيات في مقابل العقليات والنظريات، فما كان طريق العلم به العقل يُسمى: العقليات أو النظريات، ولهذا يُقال لعلماء هذا الشأن: النُظار.

فالسمعيات: ما كان طريق العلم به السمع الوارد في الكتاب، أو السنة ... أو الآثار مما ليس للعقل فيه مجال. (٣)


(١) السفاريني: لوامع الأنوار البهية: (٢/ ١٥٩).
(٢) ابن عطية: المحرر الوجيز: (١/ ٧٠ (: (١/ ١٤٠).
(٣) السفاريني: لوامع الأنوار البهية: (٢/ ٣)، شهاب الدين الخفاجي: حاشية الشهاب على تفسير البيضاوي (١/ ١٣)، ابن تيمية: شرح الأصفهانية: ص (١٦٨)، ابن حجر: فتح الباري: ... (١٣/ ٣٥٣)، العثيمين: مجموع فتاوى ورسائل العثيمين: (٥/ ٥١)، الحمد: مصطلحات في كتب العقائد: ص (١٢٠).

<<  <   >  >>