للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"وبهذا تغدو قضية الإيمان باليوم الآخر، ضرورة إنسانية؛ لحل مشكلة الجنوح الإنساني، ولمنح المجتمعات الإنسانية، أفضل صورة ممكنة من السعادة الجماعية، ولدفع الإنسان إلى فعل الخير، والارتقاء في سلم الفضائل الفردية والاجتماعية " (١).

[المطلب الرابع أثر الإيمان باليوم الآخر على الفرد من الناحية السلوكية والأخلاقية]

لا تكاد تجد مجتمعاً تسود أفراده المحبة والإخاء، وتشيع فيه معاني الرحمة والوفاء، إلا وبذرة الإيمان باليوم الآخر ظاهرة في حياتهم، فتنعكس على أخلاقياتهم وسلوكياتهم.

فلا عجب حينئذ، أن ترى مظاهر الخير منتشرة بين أفراد المجتمع، فبداية القوس الذي تنطلق منه الخيرات، هو الإيمان بالله تعالى، ونهايته الإيمان باليوم الآخر، وهما متلازمان لسبب، مقترنان لأمر عجب، فإنك لن تجد بعد الإيمان بالله تعالى، عامل ضبط للسلوك والأخلاق، كالإيمان باليوم الآخر، فالإيمان بالله تعالى عقيدة، والإيمان باليوم الآخر مؤيد وقانون، تنتج عنه كل القيم، والأخلاق، والآداب الفاضلة.

فمن آثار الإيمان باليوم الآخر على الفرد من الناحية السلوكية والأخلاقية ما يلي:

[١ - البعد عن سيء الأخلاق]

يورث الإيمان باليوم الآخر، جمالاً في المرء، يظهر أثره في أخلاقه وسلوكياته فتراه هيناً ليناً، يعطف على الصغير، ويوقر الكبير، ويمشي في حاجة المسكين ويمسح على رأس اليتيم، لا يحقد ولا يحسد، يعيش نفي القلب، عفيف اللسان، طاهر النفس، بعيداً عن كل سيء وقبيح، لا يغدر ولا ينتقم، ولا يبغي على أحد، ولا يتخاذل في نصرة مظلوم، ولا يتهاون في أداء الحقوق ومع ذلك فهو حليم كريم، يكظم غيظه، ويعفو عمن ظلمه.

وأما من خلا قلبه من الإيمان باليوم الآخر، فتراه يرتع في حياته كالبهائم ... فلا رادع يردعه، ولا زاجر يزجره، ولا حتى طبع سليم يدفعه.

فلا يتورع عن ظلم العباد وأذيتهم، ملأ قلبه بكل سيء وقبيح، فساء خلقه ... وأشقى نفسه، ولذا فإن سيء الخلق، يفر منه كل شيء.


(١) عبد الرحمن حنبكة: العقيدة الإسلامية، دار القلم - دمشق، ط ٨ ١٤١٨ هـ، ص (٥٣٦).

<<  <   >  >>