للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتظل آيات القرآن الكريم المذكرة بفناء العباد، ورجوعهم إلى ربهم يوم المعاد، "قوية الهتاف والتذكير على مدى الدهر، بما احتوته من حقيقة، وبما انطوى فيها من توكيد، على أننا ننبه هنا، أنه ليس في هذه الآية أيضاً ما يدعو إلى نفض اليد من الدنيا ومتعها وطيباتها، والنشاط فيها في مختلف المجالات وإنما هدفها هو التذكير بحتمية الموت، وحث الناس والمسلمين بخاصة على الاستمساك بحبل الله وتقواه، والقيام بواجباتهم نحوه، ونحو الناس والاستكثار من العلم الصالح، الذي هو وحده النافع المنجي لهم في الحياة الأخروية " (١).

وقد اتخذ القرآن الكريم منهجاً متميزاً فريداً، حين تحدث عن الموت وحقيقته وأهواله، وحين التأمل في الآيات الكريمة وسياقاتها، التي تحدثت عن حقيقة الموت، نجد أن ثمة أمور يمكن أن يسلط عليها الضوء لتكون عناوين رئيسة في حديث القرآن الكريم عن الموت، ويكفي أنك حين تقلب صفحات القرآن الكريم لا تكاد تقلب صفحة من صفحاته إلا وتقرأ آية فيها التذكير بالموت مباشرة، أوبأي شكل من أشكاله، وهذا فيه دلالة واضحة على اهتمام القرآن الكريم بهذا الموضوع المتعلق بكل ذي روح.

[المسألة الأولى أوجه اهتمام القرآن الكريم بذكر الموت]

من أوجه اهتمام القرآن الكريم بذكر الموت (٢):

١ - الإكثار من ذكره على أوجه متنوعة وبأساليب مختلفة، فتارة يذكره خبراً مجرداً ليستعد المرء للقائه، وتارة يذكره مقروناً بحكم ونحوه، ليكون زاجراً له عن الوقوع في حدود الله تعالى.


(١) دروزة عزت: التفسير الحديث، دار إحياء التراث - بيروت، ١٣٨٣ هـ (٧/ ٢٨٢).
(٢) * لو قيل: ما الحكمة في الموت، وهلاّ وصل نعيم الآخرة وثوابها بنعيم الدنيا، فيكون ذلك في الإنعام أبلغ؟ قيل: هذا كالمفسدة في حق المكلفين، لأنه متى عجل للمرء الثواب فيما يتحمله من المشقة في الطاعات صار إتيانه بالطاعات لأجل تلك المنافع لا لأجل طاعة الله فأخره الله تعالى وبعّده بالإماتة ثم الإعادة ليكون العبد عابداً لربه بطاعته لا لطلب الانتفاع. الرازي: مفاتيح الغيب، (٢٣/ ٢٦٧)

<<  <   >  >>