للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني قول الفلاسفة في المعاد]

مما تقرر في هذا المقام: أن جميع الرسل أخبرت بيوم القيامة في ما تزعم طوائف من الفلاسفة وأهل الكلام، أن المعاد الجسماني لم يخبر به إلا محمد وعيسى (١).

وكذلك اتفقت كلمة المسلمين على القول بالبعث في القيامة، بقول الإمام ابن حزم:" اتفق أهل القبلة على تنابذ فرقهم على القول بالبعث في القيامة ... وعلى تكفير من أنكر ذلك " (٢).

وكذلك القول الذي كان عليه عامة علماء السلف، وجمهور العقلاء: أن البعث يكون بالروح والجسد (٣).

والفلاسفة بالنسبة للمعاد إثباتاً ونفياً على أقسام:

١ - الفلاسفة المنكرون للمعاد واليوم الآخر إنكاراً تاماً، وهؤلاء هم الفلاسفة الدهريون الدوريون، المنكرون للصانع المعتقدون أن في كل ستة وثلاثين ألف سنة، يعود كل شيء إلى ما كان عليه، وزعموا أن هذه قد تكررت مرات لا تتناهى، فكابروا المعقول، وكذبوا المنقول، ولهذا قالوا: {وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} [الجاثية: ٢٤] (٤).

قال عنهم الإمام الغزالي: "الدهريون: وهم طائفة من الأقدمين جحدوا الصانع المدبر العالم القادر، وزعموا: أن العالم لم يزل موجوداً كذلك بنفسه وبلا صانع، ولم يزل الحيوان من النطفة، والنطفة من الحيوان، كذلك كان ... وكذلك يكون أبداً، وهؤلاء هم الزنادقة" (٥).

وحكى صاحب المواقف أقوال الناس في المعاد، ثم قال: "والرابع: عدم ثبوت شيء منهما، أي: المعاد الروحاني والجسماني، وهذا قول القدماء من الفلاسفة الطبيعيين" (٦).


(١) ابن تيمية: الاستقامة، جامعة الإمام محمد بن سعود - المدينة النبوية، ط ١ ١٤٠٣ هـ (١/ ١٧).
(٢) ابن حزم: الفصل في الملل والأهواء والنحل (٤/ ٦٦)، ابن القيم: (٢/ ٣٤).
(٣) ابن تيمية: مجموع الفتاوى (٤/ ٣١٦)، ابن القيم: مفتاح دار السعادة (٢/ ٣٤).
(٤) ابن كثير: تفسير القرآن العظيم (٧/ ٢٦٩)، ابن تيمية: الجواب الصحيح (١/ ٤٢٢)
(٥) الغزالي: المنقذ من الضلال، دار الكتب الحديثة - مصر، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها، (١٣٣)
(٦) الايجي: المواقف (٣/ ٤٧٩)، ابن تيمية: الرد على المنطقيين ص (٤٥٨).

<<  <   >  >>