للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني علاقة الإنسان بغيره: بالخالق، وبالكون، وبمثله، وبالدنيا، وبالآخرة]

لم يُخلق الإنسان عبثا، ليبقى هكذا هملاً، بلا غاية ولا هدف، بل خُلق لأهداف وغايات حميدة شريفة، يسعى لتحقيقها. وجعلت له الشريعة حدوداً في تعاملاته، في هذا الكون الفسيح الذي يعيش فيه، والذي سُخر لأجله، وحدوداً في تعاملاته مع نظرائه من البشر، وحدوداً في تعاملاته مع دنياه وأخراه؛ حتى تستقيم حياته، ويهنأ في آخرته.

وهذه الحدود والعلاقات تنتظم المسائل التالية:

[المسألة الأولى: علاقة الإنسان بخالقه]

لقد نظم الإسلام علاقة الإنسان بخالقه، إذ هو جل وعلا من يجب أن تُصرف له العبادة دون ما سواه.

وبينت الشريعة أن مدار العلاقة بين الخالق والمخلوق، هي علاقة خضوع واستكانة، وفقر وذلة، تورث كمال العبودية لله جل وعلا. وتتمثل هذه العلاقة المبنية على كمال التعبد، على جملة من الأمور:

١ - أن الخالق سبحانه جل في علاه، هو المتفَرِد بالعبادة وحده لا شريك له فلا يُلتجأ إلا إليه، ولا يُرجى إلا هو، ولا يُستعان إلا به، ولا يُتوكل إلا عليه وهذا يورث كمال التعبد لله تعالى، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "والعبد كلما كان أذل الله، وأعظم افتقاراً إليه، وخضوعاً له، كان أقرب إليه، وأعز له، وأعظم لقدره، فأسعد الخلق: أعظمهم عبودية لله" (١).

٢ - إن معرفة الله جل وعلا بأسمائه وصفاته، موجب لكمال التذلل والتعبد فمتى عرفت أنه الرحمن الرحيم، البر الرؤوف، الكريم العظيم، زادت رغبتك في التقرب إليه، والزلفى لديه، فباب معرفة الله بأسمائه وصفاته، من أكبر أبواب العبودية الحقة لله تعالى.


(١) ابن تيمية: مجموع الفتاوى، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف - المدينة النبوية (١/ ٣٩)

<<  <   >  >>