للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأهل الملل من اليهود والنصارى، "يقرون بالعبادات، وبأن الله هو المستحق للعبادة، ويقرون بالثواب والعقاب المنفصلين مع القيامة الكبرى ومعاد الأبدان مع معاد النفوس، إلى غير ذلك مما جاءت به الرسل، لكن بدلوا بعض ما جاءت به الرسل " (١).

فوقوع اليوم الآخر و معاد الأبدان، معلوم بالاضطرار من دين الرسل - عليهم الصلاة والسلام -، وقد انطوى عصر الصحابة - رضي الله عنهم - والتابعين، وتابعيهم، وهم القرون المفضلة على ذلك من غير اختلاف بينهم (٢).

[المطلب الثالث القدر المجزئ من الإيمان باليوم الآخر]

الإيمان المجمل والمفصل:

في سؤال ورد إلى العلامة أبي عبدالله الشريف مفاده: هل يُطلب الإيمان بالمعاد على سبيل الجملة، أو على التفصيل؟ وأجاب بما حاصله:

" أنه قد تقرر في الشرع، ألا تكليف إلا بما هو مقدور للعبد، ومعلوم له. وأن المعاد وأحواله، وصفاته، غير معلوم لنا، فتحصل من ذلك أمران:

١ - أن المُكَلَفَ به لا بد أن يكون معلوما.

٢ - أن أحوال المعاد وتفاصيله، وما هو عليه، ليس بمعلوم لنا، وليس في قوتنا الإحاطة به.

وبهاتين المقدمتين يتبين: أن المكلف به في حديث المعاد، الإيمان به على الجملة من غير تعرض إلى ما عدا ذلك.

ويتبين أيضا: مع هذا صحة قول القائل: آمنا به على ما جاء به الوحي، وأن هذه العبارة أحسن ما يجعل عنوانا على الدلالة على المطلوب من الإيمان بالمعاد، وهو الإيمان بالجملة" (٣).


(١) ابن تيمية: الصفدية: (٢/ ٢٤٠).
(٢) السفاريني: لوامع الأنوار: (٢/ ٣٣)، الفوزان: الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد: ص (٢٦).
(٣) الونشريسي: النوازل الجامعة: (٥٤٨ - ٥٥٠).

<<  <   >  >>