للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسألة الرابعة: علاقة الإنسان بالحياة الدنيا]

إن الدنيا حلوة خضرة (١)، وصف نبوي يدل على جمال الدنيا، غير أن جمالها مقرون بكدر، وحلاوتها مقرونة بمرارة {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (٤)} [البلد:٤].

طبعت على كدر وأنت تريدها ... صفوا من الأقذار والأكدار

ومتكلف الأيام ضد طباعها ... متطلب في الماء جذوة نار (٢)

ولذا فعلاقة الإنسان بالدنيا: هي علاقة ابتلاء، يشمل بعمومه كل بلاء ... إلا أن الله سبحانه وتعالى قال: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} ... [الملك:٢].

إن علاقة الإنسان بالدنيا تتمثل في أمور:

١ - أنها دار الابتلاء في النفس والجسد، الذي يوجب الصبر والرضا عن الله تعالى.

٢ - أنها دار العمل والزرع، الذي يوجب الإحسان في العمل.

٣ - أنها محل اللذة العاجلة، ولكن لا ينافي عمل الآخرة، العمل في الدنيا فقد قال تعالى: {وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [القصص:٧٧] على أن لا يكون الاشتغال بها، سبباً لنسيان الدار الآخرة

٤ - أن ما يزرعه المرء في دنياه، يحصده في آخرته.

٥ - ليس مقدار فوز الإنسان في الدنيا، كثرة ماله، وجاهه، ووفرة نعمه فكم كان لقارون من الأموال ثم خسف به، ولذا فإن النعم الدنيوية لا تستوجب السعادة الأخروية، وكذا النعم الدنيوية، لا تستوجب الشقاء الأخروي: «فنعم المال الصالح للرجل الصالح «(٣).


(١) أخرجه مسلم في صحيحه، كتب الرقاق، باب أكثر أهل الجنة الفقراء وأكثر أهل النار النساء، وبيان الفتنة بالنساء ح (٢٧٤٢) دار إحياء التراث العربي – بيروت، ت: محمد فؤاد عبد الباقي.
(٢) أبيات للتهامي يرثي بها ابنه أبا الفضل، انظر: أبو الحسن الباخرزي: دمية القصر، (١/ ١٤٠).
(٣) أخرجه أحمد في المسند ح (١٧٧٦٣) مؤسسة الرسالة، ط ١ ١٤٢١ هـ.

<<  <   >  >>