للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالمصري منذ أقدم العصور، كان يعنى بموتاه عناية فائقة، ولا يدخر وسعاً في سبيل المحافظة عليهم، كما أن الميت كان يزود في مقبرته بما يلزمه من متاع يحمل على الظن بأن اعتقاد المصري في حياة ثانية، كان اعتقاداً راسخاً وأن ... هذه الحياة تشبه حياته الأولى (١).

وكان لهذه الحياة العقيدة التي اعتقدوها أثر في حياتهم، بما أجروه من طقوس تتمثل في التحنيط الذي كان يستهدفون من ورائه الإبقاء على الجسم سليماً واضح الملامح بقدر الإمكان، رعاية لصاحبه وضماناً لبعثه، وتشجيعاً لروحه على أن تأنس إليه وتتلبسه، وكذا ما كان يتمثل في النقوشات والرسومات التي وجدت في معابدهم (٢).

[المطلب الثاني بعض الديانات الهندية واليوم الآخر]

بلاد الهند بلاد واسعة، كثيرة العجائب، ذات تاريخ وحضارة عريقة، إلا أنها غيرت وطمست على إثر غزاة آريون فحملوا معهم ديانة غير الديانة القديمة، وقد تفرقت بأهلها الأهواء، ودخلت عليهم الآراء، وتشتتوا فرقاً ومللاً حتى قال بعضهم:" ملل الهند اثنتان وأربعون ملة، منهم من يثبت الخالق عز وجل، والرسل، ومنهم من ينفي الرسل، ومنهم النافي لكل ذلك" (٣)، ومنهم من يعبد الصنم، ومنهم من يعبد القمر، ومنهم من يعبد النار، ومنهم من يبيح الزنا (٤).

وقد ظهرت جملة من الملل والديانات الوضعية في الهند، نتيجة الصراعات المستمرة، والحروب الطاحنة بين القبائل الهندية، وكان لهذه الحروب أثر على جميع الميادين السياسية والثقافية والحضارية والعقدية.

ففي حين كانت معتقدات الآريين وطقوسهم المخترعة، وتقسيمهم البشر إلى فئات مختلفة، وعلى رأسهم (البراهمة) الذين هم أصل الآريين منتشرة ظهر (البوذا) ليحارب جميع هذه المعتقدات والطقوس.


(١) محمد أبو المحاسن: معالم حضارات الشرق الأدنى القديم، ص (٨٤).
(٢) عبد العزيز صالح: الشرق الأدنى القديم، ص (٣٣٧).
(٣) ابن خرداذبة: المسالك والممالك، دار صادر - بيوت، ١٨٨٩ م، ص (٧١).
(٤) القزويني: آثار البلاد وأخبار العباد ص (٢٢٧).

<<  <   >  >>