للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فنشأت في الهند الأديان الكبرى من البراهمة والبوذية والجينية والسيخية والهندوسية، وفي حين أن كل واحد من هذه الأديان لها مؤسس، فالبوذية أسسها البوذا، والجينية أسسها الماهبير سوامي، والسيخية أسسها كرونانك إلا أن الهندوسية لم يسجل لها اسم شخص معين يقال له: إنه مؤسس الديانة الهندوسية؛ لأنها كما يُعبر بعض فلاسفة الهندوس (رادها كرشنا): أن الديانة الهندوسية لا تنتمي إلى شعب من الشعوب، بل هي ثمرات لتجارب الأمم التي أدت دورها في تكوين الفكر الهندوسي (١).

وقد ذكر من رأى من المؤرخين عياناً، أن بعض أهل الهند من أصحاب بعض هذه الديانات من يحرق نفسه بالنار، وذكروا في ذلك أموراً عجيبة ومبني فعلهم هو قولهم بالتناسخ، وتمكنه في قلوبهم، وزوال الشك منه عنهم (٢).

وحكى أبو عبد الله ابن بطوطة في رحلته بعض المشاهد في تحريقهم أنفسهم بل وإغراق أنفسهم في نهر الكنك، وهو الذي يحجون إليه، وفيه يرمى برماد المحرقين، وهم يقولون: إنه من الجنة، وإذا أتى أحدهم ليغرق نفسه يقول لمن حضره: لا تظنوا أني أغرق نفسي لأجل شيء من أمور الدنيا، أو لقلة مال، إنما قصدي التقرب إلى كُساي، وكُساي: بضم الكاف والسين المهمل: اسم الله عز وجل بلسانهم، ثم يغرق نفسه، فإذا مات أخرجوه وأحرقوه ورموا برماده في هذا البحر (٣).


(١) محمد الأعظمي: فصول في أديان الهند، ص (٧ - ١٥ بتصرف)، مانع الجهني: الموسوعة الميسرة (٢/ ٧٢٤ - ٧٥٨ - ٧٦٤)، الشهرستاني: الملل والنحل (٣/ ٩٥)، محمد الفيومي: تاريخ الفكر الديني الجاهلي: ص (٣٠٤)، حمود الرحيلي: منهج القرآن الكريم في دعوة المشركين إلى الإسلام (١/ ٣١٧).
(٢) السيرافي: رحلة السيرافي، المجمع الثقافي - أبو ظبي، ١٩٩٩ م، ص (٧٨).
(٣) ابن بطوطة: رحلة ابن بطوطة، أكاديمية المملكة المغربية - الرباط، ١٤١٧ هـ، (٣/ ١٠١).

<<  <   >  >>