للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كيف لا تطمئن نفوسهم وقد قالوا "ربنا الله ثم استقاموا بالوفاء على ترك الجفاء، تتنزل عليهم الملائكة بالرضا ألاّ تخافوا من العناء، ولا تحزنوا على الفناء، وأبشروا بالبقاء مع الذين كنتم توعدون من اللقاء، لا تخافوا، فلا خوف على أهل الاستقامة، ولا تحزنوا فإن لكم أنواع الكرامة، وأبشروا بالجنة التي هي دار السلامة، لا تخافوا فعلى دين الله استقمتم، ولا تحزنوا فبحبل الله اعتصمتم، وأبشروا بالجنة وإن ارتبتم وأحزنتم، لا تحزنوا فطالما رهبتم، ولا تحزنوا فقد نلتم ما طلبتم، وأبشروا بالجنة التي فيها رغبتم، لا تخافوا فأنتم أهل الإيمان، ولا تحزنوا فأنتم أهل الغفران، وأبشروا بالجنة التي هي دار الرضوان، لا تخافوا فأنتم أهل الشهادة، ولا تحزنوا فأنتم أهل السعادة، وأبشروا بالجنة التي هي دار الزيارة، لا تخافوا فأنتم أهل النوال ولا تحزنوا فأنتم أهل الوصال، وأبشروا الجنة التي هي دار الجلال" (١).

[٤ - تعلق القلب بالله وحده سبحانه]

إن تعلق القلب بما لا مطمع في حصوله نوع من الجنون (٢) فإذا كانت الدنيا والآخرة، ملك لله جل وعلا، وأنه هو المتصرف فيهما، والقائم بأمرهما والمدبر شأنهما، وأن أمر الخلائق فيهما قائم على إرادته ومشيئته، كما قال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١)} [الملك:١]؛ استراحت النفس واطمأن الفؤاد، وسكنت الروح، وتعلق القلب بالله تعالى، وقطع كل العلائق بغيره.


(١) الثعلبي: الكشف والبيان، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط ١ ١٤٢٣ هـ، (٨/ ٢٩٥).
(٢) ابن القيم: زاد المعاد، مؤسسة الرسالة - بيروت، ط ٢ - ٧ ١٤١٥ هـ، (٤/ ٢٥١).

<<  <   >  >>