للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَعُرِفَ النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجود والكرم، والعطاء والبذل، في أول حياته وآخرها وكان ما بينهما تأريخ حافل عاطر، بكل ما عرفته الإنسانية من معاني السخاء والإيثار، فتحكي أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها شيئاً من مفاخره - صلى الله عليه وسلم - فتقول حينما جاءها يرجف فؤاده من نزول الوحي عليه قائلاً: «لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي» فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ، (١).

فالمؤمن بالآخرة، سيسخر كل ما يملك لخدمة الخلق، حتى يحظى بما عند الخالق، من العطاء والجود والكرم.

[٣ - أداء الحقوق]

الحقوق كثيرة متنوعة , فحق يجب القيام به , وحق يتحتم السعي إليه , يقول الله تعالى. {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (٣٦)} [النساء:٣٦].

إن الباعث الرئيس للقيام بأداء هذه الحقوق، هو الإيمان بالدار الآخرة , وأنها مستقر أعمال الخلائق من خير وشر. فاستشعار رهبة الموقف بين يدي الجبار جل جلاله , والخوف من السؤال، والرهبة التي تغشى القلوب، من مغبة التهاون في هذه الحقوق، كلها دواع للفرد تدفعه للقيام بهذه الحقوق حق قيام.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، باب كيف بدء الوحي ح (٣)، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان باب بدء الوحي ح (١٦٠).

<<  <   >  >>