وذكر أهل التأريخ شيئاً من هذا، عن الملك المؤيد المظفر شمس الدين الإيلتمش التركماني، السلطان الصالح، فإنه "كان عادلاً صالحاً فاضلاً ومن مآثره: أنه اشتد في رد الظالم، وإنصاف المظلومين، وأمر أن يلبس كل مظلوم ثوباً مصبوغاً، وأهل الهند جميعاً يلبسون البياض، فكان متى قعد للناس أو ركب، فرأى أحداً عليه ثوب مصبوغ، نظر في قضيته، وإنصافه ممن ظلمه، ثم إنه أعيي في ذلك فقال: إن بعض الناس تجري عليهم المظالم بالليل، وأريد تعجيل إنصافهم، فجعل على باب قصره أسدين مصورين من الرخام، موضوعين على برجين هناك، وفي أعناقهما سلسلتان من الحديد فيهما جرس كبير، فكان المظلوم يأتي ليلاً، فيحرك الجرس فيسمعه السلطان وينظر في أمره للحين وينصفه"(١).
وهذا الأثر الإيماني الناشئ من الإيمان باليوم الآخر، سبب لـ:
[٤ - الشعور بالطمأنينة والأمن الدائمين]
ما فشا العدل، وانتفى الظلم، في مجتمع من المجتمعات، إلا وشعر أفراده بمنتهى الطمأنينة، وتمام السكينة، وحلول الأمن. إن الحياة معادلة سهلة الحل معروفة الأبعاد:
فالحياة الخالية من معاني الظلم، والأذى، والغش، هي نتاج الإيمان بالآخرة المؤدي إلى السعادة والطمأنينة، وإقامة العدل بين أفراد المجتمع.
يقول الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٨٢)} [الأنعام:٨٢].
(١) ابن بطوطة: رحلة ابن بطوطة، أكاديمية المملكة المغربية - الرباط، ١٤١٧ هـ، (٣/ ١٢١).