ثم زاده تأكيداً وإيضاحاً بقوله: {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٣)} [يس:٨٣]، فنزه نفسه عما نطق به أعداؤه المنكرون للبعث والمعاد، معظّماً لها، بأن مُلك كل شيء بيده، يتصرف فيه تصرف المالك الحق في مملوكه الذي لا يمكنه الامتناع عن أي تنصرف شاءه فيه.
ثم ختم السورة بقوله {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٣)} فكما أنهم ابتدؤوا منه هو فكذلك مرجعه إليه، فمنه المبدأ وإليه المعاد؟ وأن إلى رب المنتهى.
[المطلب الثاني الأدلة العقلية على إثبات اليوم الآخر]
[١ - دليل العدالة]
إن كمال العدالة الإلهية تقتضي وجود يوم آخر، يُحاسب في الناس على أعمالهم الحسنة والسيئة.
فإذا كان المخلوق منا يرفض التسوية بين الظالم والمظلوم، والمطيع والعاصي والمحسن والمسيء، والقاتل والمقتول، ويبذل جهذه لإقامة العدل (١)، فإن هذا أولى في مقتضى عدل الله تعالى، ولذا نجد القرآن يشير إلى هذه القضية ويؤكدها، بأنه لا مساواة بين المحسن والمسيء، قال تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (٤)} [العنكبوت:٤]، وقال تعالى: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (٢٨)} [ص:٢٨].
(١) الزنداني: توحيد الخالق، المكتبة العصرية - بيروت، ٢٠٠١ م، ص (٢٨٦).