للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[١٠ - أنه يوجب تعزيز التقوى في نفس الفرد]

إذا كانت التقوى "ترك ما حرم الله، وأداء ما افترض الله" (١)، أو "ترك حظوظ النفس، ومباينة النهي" (٢) فإن أولى ما يعزز هذه المعاني، ويعين النفس على اتقاء المحارم، وفعل الفضائل، هو استشعار اليوم الآخر، ومشاهدة أهواله وأحواله، فمن خاف وعيد الله تعالى، انتهى عن المحرمات، ولذا لا ينتفع بمواعظ القرآن، إلا من وقرت الآخرة في قلبه، قال تعالى: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (٤٥)} [ق:٤٥]، يقول الإمام الرازي:" وقوله (وعيد) إشارة إلى اليوم الآخر" (٣)، وهذه الآية الكريمة وغيرها من الآيات كقوله تعالى: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (٤٥)} [النازعات:٤٥]، تدل على أن الانتفاع محصور في المؤمنين بالآخرة.

يقول الإمام أبو حيان:" والتقوى في عرف الشرع والقرآن، عبارة عما يُتقى به من النار " (٤)، وأخرج الإمام ابن أبي حام في تفسيره عن طلق بن حبيب أنه قال:" التقوى: أن يعمل بطاعة الله، رجاء رحمة الله، على نور من الله، والتقوى: أن يترك معصية الله، مخافة عذاب الله، على نور من الله" (٥).


(١) البعلي: المطلع على ألفاظ المقنع، مكتبة السوادي، ط ١ ١٤٢٣ هـ، ص (١٢٥).
(٢) الجرجاني: التعريفات، دار الكتب العلمية - بيروت، ط ١ ١٤٠٣ هـ، ص (٦٥).
(٣) الرازي: مفاتيح الغيب، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط ٣ ١٤٢٠ هـ (٢٨/ ١٥٨).
(٤) أبو حيان: البحر المحيط، دار الفكر - بيروت، ١٤٢٠ هـ، ت: صدقي جميل، ص (٢/ ٢٩٠)
(٥) ابن أبي حاتم: تفسير ابن أبي حاتم، مكتبة الباز -مكة المكرمة، ط ٣ ١٤١٩ هـ (٦ ١ ٩٨)

<<  <   >  >>