للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "التقوى: ترك الإصرار على المعصية، وترك الاغترار بالطاعة" (١)، فالتقوى "جماع الخير كله، وهي وصية الله في الأولين والآخرين، وهي خير ما يستفيده الإنسان، كما قال أبو الدرداء وقد قيل له: إن أصحابك يقولون الشعر، وأنت ما حُفظ عنك شيء، فقال:

يريد المرء أن يؤتى مناه ... ويأبي الله إلا ما أراد

يقول المرء فائدتي ومالي وتقوى الله أفضل ما استفادا" (٢)

ويشير الإمام ابن رجب رحمه الله إلى أعلى درجات التقوى فيقول:" ويدخل في التقوى الكاملة، فعل الواجبات، وترك المحرمات والشبهات، وربما دخل فيها بعد ذلك، فعل المندوبات، وترك المكروهات، وهي أعلى درجات التقوى" (٣).

وقد ذكر ابن مسعود رضي الله عنه، التقوى: فأحسن في ذكره، وأوجز في عبارته فقال في قوله: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: ١٠٢]: "أن يُطاع فلا يُعصى، ويُذكر فلا يُنسى، وأن يُشكر فلا يُكفر" (٤)، فملاك الأمر:"تقوى الله عز وجل، التي من تمسك بها فاز قدحه، وأمن سرحه، وتعيّن ربحه وتبين نجحه" (٥).

قال العلامة فخر الدين عثمان بن علي ابن خطيب جبرين: (٦)

ملاك الأمر تقوى الله ... في الإسرار والعلن

فلازمها تصب خيراً وتكفى سائر المحن

تمسك بالذي يروى ... من الآثار والسنن

من المختار كي تُحمي ... من الأهواء والفتن


(١) الرازي: مفاتيح الغيب، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط ٣ ١٤٢٠ هـ (٢/ ٢٦٨)
(٢) القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، دار الكتب المصرية - القاهرة، ط ٢ - ١٣٨٤ هـ، (١/ ١٦٢)
(٣) ابن رجب: تفسير ابن رجب، دار العاصمة - الرياض، ط ١ ١٤٢٢ هـ، (١/ ٣٦١)
(٤) الحاكم: المستدرك على الصحيحين، دار الكتب العلمية - بيروت، ط ١ ١٤١١ هـ، (٢/ ٣٢٣)
(٥) الصفوي: الوافي بالوفيات، دار إحياء التراث - بيروت، ١٤٢٠ هـ، (٢٩/ ٣٨)
(٦) تقي الدين السلامي: الوفيات، مؤسسة الرسالة - بيروت، ط ١ ١٤٠٣ هـ، (١/ ٤٤)

<<  <   >  >>