للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الأول العرب الجاهليون وإنكار البعث]

العرب الذي بعث إليهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، قد أنكروا جملة من الأمور، وجمعت أنواعاً من الكفر منها (١):

- إنكار البعث وجحده فقالوا: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨)} [يس:٧٨].

- وكان إنكار البعث عند مشركي العرب ظاهرة في أشعارهم، حتى قال بعضهم حياة وموت ثم نشر: حديث خرافة يا أم عمرو.

- ولبعضهم مرتبة في أهل بدر من المشركين: يقول فيها:

فماذا بالقليب قليب بدر ... من الشيزي تكلل بالسنام

يخبرنا الرسول بأن سنحيا ... وكيف حياة أصداء وهام (٢)

وقد جعل الشهرستاني الدهرية، الذين يسندون الحوادث إلى الدهر، وأن الدهر يستقل بالتأثير من المعطلة فقال: معطلة العرب أصناف:

- صنف منهم أنكر الخالق والبعث والإعادة، وقالوا بالطبع المحيي والدهر المفني.

- وصنف منهم أقروا بالخالق وابتداء الخلق والإبداع، وأنكروا البعث والإعادة (٣).

لقد حكى القرآن الكريم تكذيب المشركين بالبعث واستبعاده، إذ كانوا يرون أن الموت نهاية، وأنهم غير مبعوثين، وأن البعث بعد الموت شيء غير معقول، ولذا تعجبوا من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - بوجود البعث والحساب، {وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (٢٩)} [الأنعام:٢٩]، {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٣٨)} [النحل:٣٨]، {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (٣٥) هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (٣٦)} [المؤمنون:٣٥ - ٣٦].


(١) ابن العربي: أحكام القرآن، دار الكتب العلمية - بيروت، ط ٣ ١٤٢٣ (٢/ ٥٠٨).
(٢) الشهرستاني: الملل والنحل (٣/ ٨١)، توفيق برو: تاريخ العرب القديم: ص (٣٠٥).
(٣) الشهرستاني: الملل والنحل، مؤسسة الحلبي، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها، (٣/ ٧٩)

<<  <   >  >>