للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤ - أنه متى علم المرء أنه لا مناص من الموت ولا فرار منه، عاش بين جناحي الخوف والرجاء، وأحسن العلم ثم أحسن الظن بربه، فلا يستطيع أحد من البشر أن يدفع الموت عن نفسه، ولو جاء بكل الأسباب المادية لدفعه، ولهذا يقرر القرآن الكريم هذه القضية بأوضح بيان فيقول: {الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٦٨)} [آل عمران:١٦٨].

وقال جل وعلا: {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا (١٦)} [الأحزاب:١٦].

ومع هذا الواقع الحق أقام بعض الناس الدنيا ولم يقعدها، بحثاً عن أسباب تقي من هذا المصرع، وتخفف منه حتى اعتقد بعض الدارسين،" أن كثيراً من التقدم البشري، نتج عن الجهود البشرية للتغلب على أسباب الموت ومحاولة للقضاء على المرض ولكن الموت لا يتوقف على تطور معرفة السبب أو معالجة روافده" (١).

[المسألة الثالثة نتائج اهتمام القرآن الكريم بذكر الموت]

وأما نتائج هذا الاهتمام البالغ من القرآن الكريم بذكر الموت وما يتعلق به فهي تظهر في الآتي:

١ - التذكير بكمال القدرة الإلهية وأن مقادير الأمور كلها بيده سبحانه جل في علا، وأنه سبحانه الفعال لما يريد، لا راد لأمره، ولا مبرم لقضائه جل في علاه، ويظهر ذلك جلياً في إضافة الإحياء والإماتة إليه سبحاه فقال: {وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ (٢٣)} [الحجر:٢٣]. وقوله سبحانه: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ (٤٣)} [ق:٤٣].


(١) عادل كمال حاج: الموت في القرآن الكريم،، بحث علمي مقدم لجامعة أم درمان الإسلامية - قسم التفسير، ١٤٢٧ هـ، ص (٣١)

<<  <   >  >>