للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٨ - يورث محاسبة النفس]

كل من أيقن بموقف الحساب بين يدي الله عز وجل، وعلم أنه مسؤول عن الصغير والكبير، والجليل والحقير من أعماله، اجتهد في محاسبة نفسه في الحياة قبل الممات، وهذا شأن العاقل الحصيف، يقول ابن المقفع: "وعلى العاقل مخاصمة نفسه ومحاسبتها، والقضاء عليها، والإثابة، والتنكيل بها" (١). ... فمتى حاسب العاقل نفسه في الدنيا، شعر براحة النفس، وطرق أبواب ... السعادة، الجالبة لمحبة الله جل وعلا ورضوانه.

قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزنوا، فإنه أهون عليكم في الحساب غداً أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزينوا للعرض الأكبر: {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (١٨)} [الحاقة:١٨] " (٢)، وقال الحسن: "المؤمن قوّام على نفسه يحاسب نفسه لله عز وجل، وإنما خف الحساب يوم القيامة، على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما شق الحساب يوم القيامة، على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة " (٣).

وقد أجمع العلماء على وجوب محاسبة النفس، يقول الإمام العز بن عبد السلام:" أجمع العلماء على وجوب محاسبة النفوس، فيما سلف في الأعمال وفيما يستقبل منها " (٤).


(١) ابن المقفع: الأدب الصغير والأدب الكبير، دار صادر -: ص (١٨).
(٢) أخرجه الترمذي في جامعه، أبواب صفة القيامة، باب ح (٢٤٥٩).
(٣) ابن أبي الدنيا: محاسبة النفس، دار الكتب العلمية - بيروت، ط ١ ١٤٠٦ هـ، ص (٦٠).
(٤) العز بن عبد السلام: مقاصد الرعاية، دار الفكر - دمشق، ط ١ ١٤١٦ هـ، ص (١٨).

<<  <   >  >>