للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ذكر الإمام ابن القيم فوائد الرجاء وأطنب فيها، وذكر منها:" إظهار العبودية، والفاقة، والحاجة، إلى ما يرجوه من ربه، ويستشرفه من إحسانه وأنه لا يستغني عن فضله، وإحسانه طرفة عين " (١).

[٦ - محبة الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام]

إذا علم المرء بما أعده الله تعالى للطائعين، من أنواع النعيم، وصنوف التكريم، ثم بينت له الطرق الموصولة إليها، وسبل الشيطان المانعة منها تعلق قلبه بالله وحده، فأحبه وأثنى عليه بما هو أهله؛ لأنه الجواد الكريم وأحب رسوله عليهم الصلاة والسلام؛ لأنه السبب في وصول هذا الخير إلينا، وهذا النور الذي بين يدينا، فكان هذا موجباً لشكر الله تعالى والاستقامة على دينه. ومعلوم أن محبة الله تعالى، ومحبة رسوله عليه الصلاة والسلام، "من أعظم واجبات الإيمان، وأكبر أصوله، وأجل قواعده، بل هي أصل كل عمل من أعمال الدين والإيمان" (٢).

"وإذا كانت المحبة أصل كل عمل ديني، فالخوف والرجاء وغيرهما يستلزم المحبة ويرجع إليها، فإن الراجي الطامع، إنما يطمع فيما يحبه، لا فيما يبغضه، والخائف يفر من الخوف؛ لينال المحبوب" (٣).

وهذه الثلاثة: المحبة والخوف والرجاء، هي محركات القلوب إلى الله تعالى وأقواها المحبة، وهي مقصودة تراد لذاتها؛ لأنها تراد في الدنيا والآخرة بخلاف الخوف، فإنه يزول في الآخرة (٤).

إن الإيمان باليوم الآخر، له أثر على زيادة مقامات الإيمان وشعبه العلية كالخوف، والرجاء، والمحبة، ولذا تجد المرء المتيقظ الذي لا يفارقه ذكر الآخرة، يعيش دائماً في ثنايا هذه المقامات وغيرها.


(١) ابن القيم: مدارج السالكين، دار الكتاب العربي - بيروت، ط ٣ ١٤١٦ هـ (٢/ ٥١٣)
(٢) ابن تيمية: التحفة العراقية، المطبعة السلفية - القاهرة، ط ٢ - ١٣٩٩ هـ، ص (٥٩).
(٣) ابن تيمية: التحفة العراقية، المطبعة السلفية - القاهرة، ط ٢ - ١٣٩٩ هـ، ص (٦٦).
(٤) ابن تيمية: مجموع الفتاوى، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف - المدينة النبوية (١/ ٩٥).

<<  <   >  >>