للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذهب البعض: إلى أنه لا يُهمل جانب الخوف، حين ظهور أمارات الموت بحيث يجزم بأنه آمن، ويؤيده ما أخرج الإمام الترمذي عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَى شَابٍّ وَهُوَ فِي المَوْتِ، فَقَالَ: «كَيْفَ تَجِدُكَ؟» قَالَ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَرْجُو اللَّهَ، وَإِنِّي أَخَافُ ذُنُوبِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ فِي مِثْلِ هَذَا المَوْطِنِ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ مَا يَرْجُو وَآمَنَهُ مِمَّا يَخَافُ» (١) (٢).

وقيل: إذا كان في طاعة، فليغلب الرجاء، وأن الله يقبل منه، وإذا كان في المعصية، فليغلب الخوف؛ لئلا يقدم على المعصية (٣). وقيل: أكمل الأحوال: اعتدال الرجاء والخوف، وغلبة الحب، فالمحبة هي المركب، والرجاء حاد والخوف سائق، والله الموصّل بمنه وكرمه (٤).

وبعد هذا النقل عن العلماء، يتبين لنا فضل هذين المقامين، وعلو منزلتهما وأن المرء لا غنى له عنهما، فالرجاء مقصوده: إحسان الظن بالله عند حصول التقصير والخطأ، مع رجاء محو الذنب والخطأ، مع التنبه إلى أنه ليس المقصود بالرجاء: هو الأمان والتفريط، وتضييع الأعمال، واطراح التقوى فهذا من عمل الجهال البطالين (٥).


(١) أخرجه الترمذي في جامعه، أبواب الجنائز، باب ما جاء أن المؤمن يموت بعرف الجبين ح (٩٨٣)، وقال الإمام الترمذي: وهذا حديث غريب، وقد روى بعضهم هذا الحديث عن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً، مكتبة البابي - مصر، ط ٢ - ١٣٩٥ هـ (٣/ ٣٠٢)
(٢) ابن حجر: فتح الباري، دار المعرفة - بيروت، ١٣٧٩ هـ (١١/ ٣٠١)
(٣) العثيمين: شرح رياض الصالحين، دار الوطن - الرياض، ١٤٢٦ هـ، (٣/ ٣٣٧)
(٤) ابن القيم: مدارج السالكين، دار الكتاب العربي - بيروت، ط ٣ ١٤١٦ هـ (١/ ٥١٣)
(٥) ابن حجر: فتح الباري،: (١١/ ٥١٣) , ابن الوزير: إيثار الحق على الخلق: ص (٣٥٤)

<<  <   >  >>