للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٣ - أن ذكر الآخرة سبب من أسباب نجاة العبد]

يقول الإمام ابن القيم: "فمن استقر في قلبه ذكر الآخرة وجزائها، وذكر المعصية والتوعد عليها، وعدم الوثوق بإتيانه بالتوبة النصوح، هاج في قلبه من الخوف مالا يملكه، لا يفارقه حتى ينجو " (١).

ويروى عن بعض الحكماء أنه كتب إلى أخ له:" سلام عليك، أما بعد: فاذكر ما أنت عنه زائل، وعليه قادم، وإليه صائر، كذكر من نظر فاعتبر، وأخذ حذره فازدجر، وتعوذ بالله من موت القلب، عن شدة العناية للسداد والرشاد، وحسن الاستعداد للمعاد" (٢).

فالعاقل لا يغفل في دنياه عن ذكر الآخرة؛ لأنها مآله ومصيره ومستقره، فيكون له في كل ما يراه من ماء، أو نار، أو غيرهما، عبرة وموعظة، فإن المرء ينظر بحسب همته (٣).

[٤ - الخوف من الله تعالى]

من علم أن الله جل جلاله، مالك يوم الدين، وأن الملك بيده، والكل تحت قبضته وتصرفه، أورثه ذلك خوفاً من الله تعالى، ففر إليه. ومعلوم أن كل من خاف من شيء فر منه، إلا الله تعالى، فإن من خافه فر منه إليه، قال تعالى: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥٠)} [الذاريات:٥٠].

الخوف من الله عز وجل من المقامات العلية، ومن لوازم الإيمان (٤).

قال أبو سليمان الداراني:" وأصل كل خير في الدنيا والآخرة: الخوف من الله " (٥)، وكان أبو عثمان الحيري يقول: "الخوف من الله يوصلك إليه والعجب يقطعك عنه، واحتقار الناس في نفسك مرض لا يداوى " (٦).


(١) ابن القيم: طريق الهجرتين، دار السلفية - القاهرة، ط ٢ - ١٣٩٤ هـ، ص (٢٨٣).
(٢) المحاسبي: آداب النفوس، دار الجيل - بيروت، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها (١٦١).
(٣) الغزالي: إحياء علوم الدين، دار المعرفة - بيروت، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها (١/ ١٣٩).
(٤) ابن حجر: فتح الباري، دار المعرفة - بيروت، ١٣٧٩ هـ (١١/ ٣١٣).
(٥) ابن الجوزي: صفة الصفوة، دار الحديث - القاهرة، ١٤٢١ هـ (٢/ ٣٨٠).
(٦) ابن الجوزي: صفة الصفوة، دار الحديث - القاهرة، ١٤٢١ هـ (٢/ ٣٢٠).

<<  <   >  >>