للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٥ - بذل النفوس رخيصة في سبيل الله]

يقول الله جل وعلا: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (٢٠٧)} [البقرة:٢٠٧]، هذه الآية الكريمة، وإن كانت تتحدث عن شأن صهيب الرومي رضي الله عنه، وكذا أمثاله ممن بذل ماله ليصون دينه ونفسه، إلا أن هناك من بذل نفسه رخيصة في سبيل الله؛ لأجل رفعه دينه، وتخليص نفسه من رق الدنيا، وطلب مرضات الله تعالى، فيشمله ما جاء من الفضل في هذه الآية الشريفة، يقول الإمام ابن أبي زمنين في قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ}: " أي يبيع نفسه بالجهاد " (١)، وقال الإمام ابن كثير:" وأما الأكثر، فحملوا ذلك على أنها نزلت في كل مجاهد في سبيل الله، كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١١١)} [التوبة:١١١]، ولما حُمل هشام بن عامر بين الصفين، أنكر عليه بعض الناس، فرد عليهم عمر بن الخطاب، وأبو هريرة، وغيرهما، وتلوا هذه الآية: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (٢٠٧)} [البقرة: ٢٠٧] " (٢).


(١) ابن أبي زمنين: تفسير القرآن، الفاروق الحديثة - القاهرة، ط ١ ١٤٢٣ هـ، (١/ ٢١٤).
(٢) ابن كثير: تفسير القرآن العظيم، دار طيبة للنشر والتوزيع، ط ٢ - ١٤٢٠ هـ: (١/ ٥٦٥)

<<  <   >  >>