فإن العلاقة بين الدنيا والآخرة، تكون علاقة سلب؛ حيث نظر إلى الدنيا أنها هدف وغاية، فصرف همته، وكل طاقته، لتحصيلها على حساب آخرته، فيصدق عليه قول الله جل وعلا:{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ}[الحشر:١٩] قال الإمام ابن كثير:" أي: لا تنسوا ذكر الله فينسيكم العمل لمصالح أنفسكم التي تنفعكم في معادكم، فإن الجزاء من جنس العمل ولهذا قال: {أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (١٩)} أ ي: الخارجون عن طاعة الله، الهالكون يوم القيامة، الخاسرون يوم معادهم"(١)، ومع ذا فقد خسر دنياه، ففي الحديث:«وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ»، إن العلاقة بين الرئيسة بين الإنسان والآخرة: هي علاقة الجزاء والحساب، وفيها سيجد الإنسان كل ما عمله في دنياه، أمامه حاضراً ماثلاً، قال الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (٤٦)} [فصلت:٤٦]، {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (٣٠)} [آل عمران:٣٠].
بينت نصوص الوحيين خطر المسؤولية الأخروية، وما الذي سيُسأل عنه المرء يوم القيامة:
[(أ) نصوص القرآن الكريم في إثبات سؤال المحاسبة يوم القيامة، قال الله تعالى]