وهذه العناية والرعاية بقضايا وأحوال اليوم الآخر لها صور وأسباب ونتائج: المسألة الأولى: صور العناية باليوم الآخر في القرآن الكريم:
فأما صور العناية بالمعاد واليوم الآخر، في القرآن الكريم، فقد أخذت عدة أشكال، يلحظها كل من وقف وتأمل في أساليب القرآن العجيبة.
[المسألة الأولى صور عناية القرآن الكريم باليوم الآخر]
١ - الإكثار من ذكر أسماء القيامة وأوصافها، فلا تكاد تمر على موضع من القرآن الكريم إلا وفيه ذكر وإلماح، إما لأسماء الآخرة، وما تحويه من معان عظيمة، يخفق القلب، ويرتجف الفؤاد حين سماعها، أو تلاوتها، وإما لأوصاف ويشاهد وأحوال الآخرة، وما فيها من الأهوال.
ولما كان المشركون المنكرون لبعث الأجساد، يعيشون في محيط تنزل الشرائع في مكة قبل الهجرة للمدينة، نجد أن غالب السور المكية امتازت عني غيرها من السور المدينة بخصائص منها: الدعوة إلى التوحيد وعبادة الله تعالى وحده، وإثبات الرسالة، وإثبات البعث والجزاء، وذكر القيامة وهولها والنار وعذابها، والجنة ونعيمها، ومجادلة المشركين بالبراهين العقلية والآيات الكونية (١).
٢ - الترابط الوثيق بين الإيمان بالله تعالى والإيمان باليوم الآخر، فالقرآن الكريم ذكر هذا الترابط في أكثر من آية، مما يدل على أهميته.
قال تعالى في ثنايا سورة البقرة: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢)} [البقرة:٦٢].
(١) مناع القطان: مباحث في علوم القرآن: ص (٦٣)، صبحي الصالح: مباحث في علوم: ص (١٦٤)، الرزقاني: مناهل العرفان: (١/ ٢٠٢)، العثيمين: أصول في التفسير: (١٥)، محمد بكر إسماعيل: دراسات في علوم القرآن: ص (٤٨).