للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسألة الثالثة الدلائل اليقينية الدالة على البعث والمعاد]

الدلائل اليقينية الدالة على إثبات المعاد ووقوعه كثيرة، وهي تدل على صحة القول بالمعاد. ومما يدل على صحة القول بالمعاد أمور (١):

أ - أن العقلاء اختلفوا في وقوعه، وقال بإمكانه عالم من الناس وهم جمهور أرباب الملل والأديان، وما كان معلوم الامتناع بالبديهة، امتنع وقوع الاختلاف فيه.

ب - أنا إذا رجعنا إلى عقولنا السليمة، وغرضنا عليها: أن الواحد ضعف الاثنين، وعرضنا عليها أيضاً هذه القضية، لم نجد هذه القضية في قوة الامتناع مثل القضية الأولى.

ج - أنه سبحانه وتعالى كر أمثلة كثيرة دالة على إمكان الحشر والنشر منها:

١ - قوله تعالى: {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ (٩)} [فاطر:٩].

و {وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (٥)} [الحج:٥ - ٦].

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (٢١)} [الزمر:٢١].

{ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (٢١) ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ (٢٢) كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ (٢٣)} [عبس: ٢١ - ٢٣].

فهذه الآيات الكريمات فيها إشارة ظاهرة بينة للمعاد تظهر للعيان حين نرى الأرض خاشعة وقت الخريف، وترى اليبس مستوليا عليها بسبب شدة الحر في الصيف، ثم إن الله تعالى ينزل المطر عليا وقت الشتاء والربيع فتصير بعد ذلك متحلية بالأزهار العجيبة والأنوار الغريبة، ففيها تنبيه على أمر المعاد.


(١) الرازي: مفاتيح الغيب، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط ٣ ١٤٢٠ هـ (١٧/ ١٩٤).

<<  <   >  >>