للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونقل الحافظ ابن حجر في الفتح قولاً لم ينسبه فقال: "وقال غيره: لا مانع أن ينشئ الله من الأعراض أجساداً يجعلها مادة لها" (١).

قال المباركفوري عن هذا القول: "هو المعتمد" (٢).

ولذا قال العلامة السفاريني:" الذي نذهب إليه: أن الموت أمر وجودي وأنه جسم لا عرض" (٣).

وقال الإمام السيوطي: "وذهب جماعة إلى أن الموت جسم لا عرض، وأنه مخلوق في صورة كبش، والحياة في صورة فرس، قال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} (الذي خلق الموت والحياة) الملك: ٢، وهذا هو المختار عندي في الجواب " (٤).

[المطلب الثاني الموت في القرآن الكريم]

الموت من حيث هو، فإنه حق، واقع لا مناص منه ولا مهرب، ولذا "اتفقت الديانات قاطبة على حقيقة الموت، وإن اختلفت فيما يكون بعد ذلك وكما يقول ديورانت: إن الموت هو أصل الديانات كلها" (٥).

إن الموت سنة عامة، وحقيقة قطعية جارية على كل مخلوق، لا يتخلف عنه أحد، يقول جل وعلا: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران: ١٨٥]، ويؤكد القرآن الكريم تمام التأكيد على هذه الحقيقة، وفي هذه الآية " يخبر تعالى إخباراً عاماً، يعم جميع الخليقة بأن كل نفس ذائقة الموت .. وهذه الآية فيها تعزية لجميع الناس، فإنه لا يبقى أحد على وجه الأرض حتى يموت" (٦). ولو كانت الحياة باقية لأحد لبقيت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكن الله جل وعلا يقول لرسوله عليه الصلاة والسلام: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (٣٠)} [الزمر: ٣٠].


(١) ابن حجر: فتح الباري، دار المعرفة - بيروت، ١٣٧٩ هـ (١١/ ٤٢١).
(٢) المباركفوري: تحفة الأحوذي، (٧/ ٢٣٥)
(٣) السفاريني: لوامع الأنوار (٢/ ٢٣٦)، السفاريني: البحور الزاخرة (١/ ٧٥).
(٤) السيوطي: البدور السافرة، دار المعرفة - بيروت، ط ١ ١٤٢٦ هـ، ص (٣٢٨)
(٥) عواد العنزي: المعاد الأخروي، رسالة علمية مقدمة لجامعة أم القرى بمكة المكرمة، ص (٩٧)
(٦) ابن كثير: تفسير القرآن العظيم ت: سامي سلامة (٢/ ١٧٧).

<<  <   >  >>